قال ابن عمر: ولم..؟ فوالله ما سفكت دماءهم، ولا فرقت جماعتهم، ولا شققت عصاهم..

قال الرجل: انك لو شئت ما اختلف فيك اثنان..

قال ابن عمر: ما أحب أنها أتتني، ورجل يقول: لا، وآخر يقول: نعم.

وحتى بعد أن سارت الأحداث شوطا طويلا، واستقر الأمر لمعاوية.. ثم لابنه يزيد من بعده. ز ثم ترك معاوية الثاني ابن يزيد الخلافة زاهدا فيها بعد أيام من توليها..

حتى في ذلك اليوم، وابن عمر شيخ مسن كبير، كان لا يزال أمل الناس، وأمل الخلافة.. فقد ذهب اليه مروان قال له:

هلم يدك نبايع لك، فانك سيد العرب وابن سيدها..

قال له ابن عمر: كيف نصنع بأهل المشرق..؟

قال مروان: نضربهم حتى يبايعوا..

قال ابن عمر: "والله ما أحب أنها تكون لي سبعين عاما، ويقتل بسببي رجل واحد"..!!

فانصرف عنه مروان وهو ينشد:

اني أرى فتنة تغلي مراجلها والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا

يعني بأبي ليلى، معاوية بن يزيد ...

**

هذا الرفض لاستعمال القوة والسيف، هو الذي جعل ابن عمر يتخذ من الفتنة المسلحة بين أنصار علي وأنصار معاوية، موقف العزلة والحياد جاعلا شعاره ونهجه هذه الكلمات:

"من قال حي على الصلاة أجبته..

ومن قال حي على الفلاح أجبته..

ومن قال حي على قتل أخيك المسلم واخذ ماله قلت: لا".!!

ولكنه في عزلته تلك وفي حياده، لا يماليء باطلا..

فلطالما جابه معاوية وهو في أوج سلطانه يتحديات أوجعته وأربكته..

حتى توعده بالقتل، وهو القائل: " لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت"..!!

وذات يوم، وقف الحجاج خطيبا، فقال: " ان ابن الزبير حرّف كتاب الله"!

فصاح ابن عمر في وجهه: " كذبت، كذبت، كذبت".

وسقط في يد الحجاج، وصعقته المفاجأة، وهو الذي يرهبه كل شيء، فمضى يتوعد ابن عمر بشرّ جزاء..

ولوذح ابن عمر بذراعه في وجه الحجاج، وأجابه الناس منبهرون: " ان تفعل ما تتوعد به فلا عجب، فانك سفيه متسلط"..!!

ولكنه برغم قوته وجرأته ظل الى آخر أيامه، حريصا على ألا يكون له في الفتنة المسلحة دور ونصيب، رافضا أن ينحاز لأي فريق ...

يقول أبو العالية البراء:

" كنت أمشي يوما خلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015