فأسلمت، وشهدت شهادة الحق، وقلت: يا رسول الله: اني امرؤ مطاع في قومي واني راجع اليهم، وداعيهم الى الاسلام، فادع الله أن يجعل لي آية تكون عونا لي فيما أدعهوهم اليه، فقال عليه السلام: اللهم اجعل له آية"..
**
لقد أثنى الله تعالى في كتابه على " الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه"..
وها نحن أولاء نلتقي بواحد من هؤلاء..
انه صورة صادقة من صور الفطرة الرشيدة..
فما كاد سمعه يلتقط بعض آيات الرشد والخير التي أنزلها الله على فؤاد رسوله، حتى تفتح كل سمعه، وكل قلبه. وحتى بسط يمينه مبايعا.. ليس ذلك فحسب.. بل حمّل نفسه من فوره مسؤولية دعوة قومه وأهله الى هذا الدين الحق، والصراط المستقيم..!
من أجل هذا، نراه لا يكاد يبلغ بلده وداره في أرض دوس حتى يواجه أباه بالذي من قلبه من عقيدة واصرار، ويدعو أباه الى الاسلام بعد أن حدّثه عن الرسول الذي يدعو الى الله.. حدثه عن عظمته.. وعن طهره وأمانته.. عن اخلاصه واخباته لله رب العالمين..
وأسلم أبوه في الحال..
ثم انتقل الى أمه، فأسلمت
ثم الى زوجه، فأسلمت..
ولما اطمأن الى أن الاسلام قد غمر بيته، انتقل الى عشيرته، والى أهل دوس جميعا.. فلم يسلم منهم أحد سوى أبي هريرة رضي الله عنه..
ولقد راحوا يخذلونه، وينأون عنه، حتى نفذ صبره معهم وعليهم. فركب راحلته، وقطع الفيافي عائدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو اليه ويتزوّد منه بتعاليمه..
وحين نزل مكة، سارع الى دار الرسول تحدوه أشواقه..
وقال للنبي:
" يا رسول الله..
انه ق غلبني على دوس الزنى، والربا، فادع الله أن يهلك دوسا"..!!
وكانت مفاجأة أذهلت الطفيل حين رأى الرسول يرفع كفيه الى السماء وهو يقول:
" اللهم اهد دوسا وأت بهم مسلمين"..!!
ثم التفت الى الطفيل وقال له:
" ارجع الى قومك فادعهم وارفق بهم".
ملأ هذا المشهد نفس الطفيل روعة، وملأ روحه سلاما، وحمد اله أبلغ الحمد أن جعل هذا الرسول الانسان الرحيم معلمه وأستاذه. وأن جعل الاسلام دينه وملاذه.
ونهض عائدا الى أرضه وقومه