وعاد عبد الله بن عمرو الى مسجده، وعبادته..
**
وعاش حياته لا يملؤها بغير مناسكه وتعبّده..
غير أن خروجه الى صفين مجرّد خروجه، ظل مبعوث قلق له على الدوام.. فكان لا تلم به الذكرى حتى يبكي ويقول:
" مالي ولصفين..؟؟
مالي ولقتال المسلمين"..؟
**
وذات يوم وهو جالس في مسجد الرسول مع بعض أصحابه مرّ بهم الحسين بن علي رضي الله عنهما، وتبادلا السلام..
ولما مضى عنهم قال عبد الله لمن معه:
" أتحبون أن أخبركم بأحب أهل الأرض الى أهل السماء..؟
انه هذا الذي مرّ بنا الآن. ز الحسين بن علي..
وانه ما كلمني منذ صفين..
ولأن يرضى عني أحب اليّ من حمر النعم"..!!
واتفق مع أبي سعيد الخدري على زيارة الحسين..
وهناك في دار الحسين تم لقاء الأكرمين..
وبدأ عبد الله بن عمرو الحديث، فأتى على ذكر صفين فسأله الحسين معاتبا:
" ما الذي حملك على الخروج مع معاوية"..؟؟
قال عبد الله:
" ذات يوم شكاني عمرو بن العاص الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له:
" ان عبد الله يصوم النهار كله، ويقوم الليل كله.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا عبد الله صل ونم.. وصم وافطر.. وأطع أباك..
ولما كان يوم صفين أقسم عليّ أبي أن أخرج معهم، فخرجت..
ولكن والله ما اخترطت سيفا، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم"..!!
وبينما هو يتوقل الثانية والسبعين من عمره المبارك..
واذ هو في مصلاه، يتضرّع الى ربه، ويسبّح بحمده دعي الى رحلة الأبد، فلبى الدعاء في شوق عظيم..
والى اخوانه الذين سبقوه بالحسنى، ذهبت روحه تسعى وتطير..
والبشير يدعوها من الرفيق الأعلى:
(يا أيتها النفس المطمئنة..
ارجعي الى ربك راضية مرضية
فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) ..