هكذا قال الرجل الواضح كل ما في نفسه، وكل ما في أنفس قومه.. وأعطى الرسول صورة أمينة عن الموقف..
وسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" وأين أنت من ذلك يا سعد"..؟؟
أي اذا كان هذا رأي قومك، فما رايك أنت..؟؟
فأجاب سعد بنفس الصراحة قائلا:
" ما أنا الا من قومي"..
هنالك قال له النبي: " اذن فاجمع لي قومك"..
ولا بدّ لنا من أن نتابع القصة الى نهايتها، فان لها روعة لا تقاوم..!
جمع سعد قومه من الأنصار..
وجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتملّى وجوههم الآسية. وابتسم ابتسامة متألقة بعرفان جميلهم وتقدير صنيعهم..
ثم قال:
" يا معشر الأنصار..
مقالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها عليّ في أنفسكم..؟؟
ألم آتكم ضلالا فهداكم الله..؟؟
وعالة، فأغناكم الله..؟
وأعداء، فألف الله بين قلوبكم..؟؟ "
قالوا:
" بلى الله ورسوله أمنّ وأفضل..
قال الرسول:
ألا تجيبونني يا معشر الأنصار..؟
قالوا:
بم نجيبك يا رسول الله..؟؟
لله ولرسوله المن والفضل..
قال الرسول:
أما والله لو شئتم لقلتم، فلصدقتم وصدّقتم:
أتيتنا مكذوبا، فصدّقناك..
ومخذولا، فنصرناك ...
وعائلا، فآسيناك..
وطريدا، فآويناك..
أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتم الى اسلامكم..؟؟
ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا أنتم برسول الله الى رحالكم..؟؟
فوالذي نفسي بيده، لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار..
ولو سلك الناس شعبا لسلكت شعب الأنصار..
اللهم ارحم الأنصار..
وأبناء الأنصار..
وأبناء أبناء الأنصار" ... !!
هنالك بكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم.
فقد ملأت كلمات الرسول الجليل العظيم أفئدتهم سلاما، وأرواحهم ثراء، وأنفسهم عافية..
وصاحوا جميعا وسعد بن عبادة معهم:
" رضينا برسول الله قسما وحظا"..
**
وفي الأيام الأولى من خلافة عمر ذهب سعد الى أمير المؤمنين، وبنفس صراحته المتطرفة