عني.. ألست الذي وليت الامارة، فتطاولت في البنيان، واتخذت لك ماشية وزرعا) ..؟؟

ومضى أبو هريرة يدافع عن نفسه ويبرئها من تلك الشائعات..

وقد يبدو أبو ذر مبالغا في موقفه من الجكم والثروة..

ولكن لأبي ذر منطقه الذي يشكله صدقه مع نفسه، ومع ايمانه، فأبو ذر يقف بأحلامه وأعماله.. بسلوكه ورؤاه، عند المستوى الذي خلفه لهم رسول الله وصاحباه.. أبو بكر وعمر..

واذا كان البعض يرى في ذلك المستوى مثالية لا يدرك شأوها، فان ابا ذر يراها قدوة ترسم طريق الحياة والعمل، ولا سيما لأولئك الرجال الذين عاصروا الرسول عليه السلام، وصلوا وراءه، وجاهدوا معه، وبايعوه على السمع والطاعة.

كما أنه يدرك بوعيه المضيء، ما للحكم وما للثروة من أثر حاسم في مصاير الناس، ومن ثم فان أي خلل يصيب أمانة الحكم، أو عدالة الثروة، يشكل خطرا يجب دحضه ومعارضته.

**

ولقد عاش أبو ذر ما استطاع حاملا لواء القدوة العظمى للرسول عليه السلام وصاحبيه، أمينا عليها، حارسا لها.. وكان أستاذ في فن التفوق على مغريات الامارة والثروة، ...

عرضت عليه الامارة بالعراق فقال:

" لا والله.. لن تميلوا عليّ بدنياكم أبدا"..

ورآه صاحبه يوما يلبس جلبابا قديما فسأله:

أليس لك ثوب غير هذا..؟! لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين..؟

فأجابه أبو ذر: " يا بن أخي.. لقد أعطيتهما من هو أحوج اليهما مني"..

قال له: والله انك لمحتاج اليهما!!

فأجاب أب ذر: "اللهم غفر.. انك لمعظّم للدنيا، ألست ترى عليّ هذه البردة..؟؟ ولي أخرى لصلاة الجمعة، ولي عنزة أحلبها، وأتان أركبها، فأي نعمة أفضل ما نحن فيه"..؟؟

**

وجلس يوما يحدّث ويقول:

[أوصاني خليلي بسبع..

أمرني بحب المساكين والدنو منهم..

وأمرني أن أنظر الى من هو دوني، ولاأنظر الى من هو فوقي..

وأمرني ألا أسأل أحد شيئا..

وأمرني أن أصل الرحم..

وأمرني أن أقول الحق وان كان مرّا..

وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم..

وأمرني أن أكثر من: لا حول ولا قوة الا بالله] .

ولقد عاش هذه الوصية، وصاغ حياته وفقها، حتى صار "ضميرا" بين قومه وأمته..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015