ويصحو من نومه مزوّدا بخطة العمل في يومه الجديد، فيسارع من فوره الى دار أبي بكر، ويقصّ عليه الرؤيا.. وما كانت الرؤيا بحاجة الى تعبير..د
وقال له أبو بكر:
" انه الخير أريد لك.. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه، فان الااسلام حاجزك عن النار".
وينطلق خالد باحثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يهتدي الى مكانه فيلقاه، ويسأل النبي عن دعوته، فيجيبه عليه السلام:
" تؤمن بالله وحده، ولا تشرك به شيئا..
وتؤمن بمحمد عبده ورسوله.. وتخلع عبادة الأوثان التي لا يسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع"..
ويبسط خالد يمينه، فتلقاها يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفاوة، ويقول خالد:
" اني أشهد أن لا اله الا الله ...
وأشهد أن محمدا رسول الله"..!!
وتنطلق أغاريد نفسه وأناشيدها..
ينطلق لمهرجان كله الذي كان في باطنه.. ويبلغ النبأ أباه.
**
يوم أسلم سعيد، لم يكن قد سبقه الى الاسلام سور اربعة أو خمسة، فهو اذن من الخمسة الأوائل المبكرين الى الاسلام.
وحين يباكر بالاسلام واحد من ولد سعيد بن العاص، فان ذلك في رأي سعيد، عمل يعرّضه للسخرية والهوان من قريش، ويهز الأرض تحت زعامته.
وهكذا دعا اليه خالد، وقال له: " أصحيح أنك اتبعت محمدا وأنت تسمعه يهيب آلهتنا"..؟؟
قال خالد: " انه والله لصادق..
ولقد آمنت به واتبعته"..
هنالك انهال عليه أبوه ضربا، ثم زجّ به في غرفة مظلمة من داره، حيث صار حبيسها، ثم راح يضنيه ويرهقه جوعا وظكأ..
وخالد يصرخ فيهم من وراء الباب المغلق عليه:
" والله انه لصادق، واني به لمؤمن".
وبدا لسعيد أن ما أنزل بولده من ضرر لا يكفي، فخرج به الى رمضاء مكة، حيث دسّه بين حجارتها الثقيلة الفادحة الملتهبة ثلاثة أيام لا يواريه فيها ظل..!!
ولا يبلل شفتيه قطرة ماء..!!
ويئس الوالد من ولده، فعاد به الى داره، وراح يغريه، ويرهبه.. يعده، ويتوعّده.. وخالد صامد كالحق، يقول لأبيه:
" لن أدع الاسلام لشيء، وسأحيا به وأموت عليه"..
وصاح سعيد:
" اذن فاذهب عني يا لكع، فواللات لأمنعنّك القوت"..
وأجابه خالد:
".. والله خير الرازقين"..!!
وغادر الدار التي تعجّ بالرغد، من مطعم وملبس وراحة..
غادرها الى الخصاصة والحرمان..
ولكن أي بأس..؟؟