انظروا جلال شبابه..
انظروا نضارة اهابه..
انظروا أناته وحلمه، حدبه، وبرّه، تواضعه وتقاه..
انظروا شجاعته التي لا تعرف الخوف.. وجوده الذي لايخاف الفقر..
انظروا طهره وعفته..
انظروا صدقه وأمانته ...
انظروا فيه كل رائعة من روائع الحسن، والفضيلة، والعظمة، ثم لا تعجبوا، فأنتم أمام أشبه الناس بالرسول خلقا، وخلقا..
أنتم أمام من كنّاه الرسول بـ أبي المساكين..
أنت تجاه من لقبه الرسول بـ ذي الجناحين..
أنتم تلقاء طائر الجنة الغريد، جعفر بن أبي طالب..!! عظيم من عظماء الرعيل الأول الذين أسهموا أعظم اسهام في صوغ ضمير الحياة..!!
**
أقبل على الرسول صلى الله عليه وسلم مسلما، آخذا مكانه العالي بين المؤمنين المبكرين..
وأسلمت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عميس..
وحملا نصيبهما من الأذى ومن الاضطهاد في شجاعة وغبطة..
فلما اختار الرسول لأصحابه الهجرة الى الحبشة، خرج جعفر وزوجه حيث لبيا بها سنين عددا، رزقا خلالها بأولادهما الثلاثة محمد، وعبد الله، وعوف ...
**
وفي الحبشة كان جعفر بن أبي طالب المتحدث اللبق، الموفق باسم الاسلام ورسوله..
ذلك أن الله أنعم عليه فيما أنعم، بذكاء القلب، واشراق العقل، وفطنة النفس، وفصاحة اللسان..
ولئن كان يوم مؤتة الذي سيقاتل فيه فيما بعد حتى يستشهد.. أروع أيامه وأمجاده وأخلدها..
فان يوم المحاورة التي أجراها أمام النجاشي بالحيشة، لن يقلّ روعة ولا بهاء، ولا مجدا..
لقد كان يوما فذّا، ومشهدا عجبا ...
**
وذلك أن قريشا لم يهدئ من ثورتها، ولم يذهب من غيظها، ولم يطامن كم أحقادها، هجرة المسلمين الى الحبشة، بل خشيت أن يقوى هناك بأسهم، ويتكاثر طمعهم.. وحتى اذا