فقال عثمان: صدقت..

قال لبيد:

وكل نعيم لا محالة زائل

قال عثمان: كذبت.. نعيم الجنة لا يزول..

فقال لبيد: يا معشر قريش، والله ما كان يؤذي جليسكم، فمتى حدث هذا فيكم..؟

فقال رجل من القوم: ان هذا سفيه فارق ديننا.. فلا تجدنّ في نفسك من قوله..

فرد عليه عثمان بن مظعون حتى سري أمرهما. فقام اليه ذلك الرجل فلطم عينه فأصابا، والوليد بن المغيرة قريب، يرى ما يحدث لعثمان، فقال: أما والله يا بن أخي ان كانت عينك عمّا أصابها لغنيّة، لقد كانت في ذمة منيعة..

فال عثمان: بل والله ان عيني الصحيحة لفقيرة الى مثل ما أصاب أختها في الله.. واني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس..!!

فقا له الوليد: هلم يا بن أخي، ان شئت فعد الى جواري..

قال ابن مظعون: لا ...

وغادر ابن مظعون هذا المشهد وعينه تضجّ بالألم، ولكن روحه تتفجر عافية، وصلابة، وبشرا..

ولقد مضى في الطريق الى داره يتغنى بشعره هذا:

فان تك عيني في رضا الله نالها

يدا ملحدا في الدين ليس بمهتدي

فقد عوّض الرحمن منها ثوابه

ومن يرضه الرحمن يا قوم يسعد

فاني وان قلتم غويّ مضلل

لأحيا على دين الرسول محمد

أريد بذاك الله، والحق ديننا

على رغم من يبغي علينا ويعتدي

**

هكذا ضرب عثمان بن مظعون مثلا، هو له أهل، وبه جدير..

وهكذا شهدت الحياة انسانا شامخا يعطّر الوجود بموقفه الفذ هذا..

وبكلماته الرائعة الخالدة:

" والله ان عيني الصحيحة، لفقيرة الى مثل ما أصاب أختها في الله.. واني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر"..!!

ولقد ذهب عثمان بن مظعون بعد ردّ جوار الوليد يتلقى من قريش أذاها، وكان بهذا سعيدا جدّ سعيد.. فقد كان ذلك الأذىبمثابة الانر التي تنضج الايمان وتصهره وتزكّيه..

وهكذا سار مع اخوانه المؤمنين، لا يروعهم زجر.. وبل يصدّهم اثخان..!!

**

ويهاجر عثمان الى المدينة، حيث لا يؤرّقه أبو جهل هناك، ولا أبو لهب.... ولا أميّة..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015