64- وليس من الدواب شيء ينصل قرنه كل عام إلا الوعل، فإذا علم أنه غير ذي قرن عديم السلاح لم يظهر مخافة السباع. فإذا نجم قرنه لم يجد بدا من أن يمضغه ويعرضه للشمس والريح. فإذا اشتد ظهر.
ويبقى في مكان واحد إلى أن يشتد قرنه يركبه الشحم ويسمن فيكثر من الجولان والتردد حتى يذهب شحمه ويشتد لحمه، ويحتال في التحفظ من السباع عند ذلك. فإذا كان صدعا برز وأمن. قال عصام بن زفر:
ترجو الثواب من صبيح يا جمل ... قد مصه الدهر فما فيه بلل
إن صبيحا ظاعن محتمل ... فلائذ منك بشعب من جبل «1»
كما يلوذ من أعاديه الوعل
65- أحضر جعفر بن سليمان على مائدته بالبصرة يوم زاره الرشيد ألبان الظباء وزبدها وسلاها «2» ولبأها «3» ، فاستطاب الرشيد طعومها، فسأل عنها، فأمر جعفر غلمانه فأطلقوا عن سرب من الظباء ومعها الخشفان «4» حتى مرت تجاه الرشيد، فاستخفه الفرح والتعجب، فقال جعفر: هي من حلب هذه الظباء. وكان جعفر قد أخذها وهي صغار فرباها حتى تناتجت عنده.
66- والظبي يخضم «5» الحنظل خضما ويمضغه وماؤه يسيل من شدقيه، وأنت تتبين فيه الاستلذاذ والاستحلاء لطعمه، ويرد البحر فيشرب الماء الإجاج، كما تغمس الشاة لحيها «6» في الماء العذب. فأي شيء أعجب من حيوان يستعذب ملوحة البحر ويستحلي مرارة الحنظل؟.