184- عن محمد بن عباد: قال المأمون: من أحسن المراثي عندي مرثية زياد الأعجم «1» فخذها علي. فأنشدها كلها وترك هذا البيت:
هل ليالي فوقهن بزاته ... يغشى الأسنة فوق نهد قارح «2»
فقال المأمون: هاه هاه، ما أنشدت هذا البيت، وإنه لمن خيرها، يهدد المنايا فيقول: هلّا أتيت في تلك الساعة. فعجبت من حسن علمه بالشعر.
واستنشد لأبي نواس فأنشد:
لا تبك ليلى ولا تطرب إلى هند ... واشرب على الورد من حمراء كالورد
فقال، هذا هو الشعر، لا قوله: ألا هبي بسلحك «3» فالطخينا.
وكان مشغوفا بشعره، ويتأسف على فقده، ويقول: ذهب ظرف الزمان بموته، وانحطت مرتبه الشعر بذهابه.
185- تكلم المأمون فأحسن، فأقبل سهل بن هارون على الناس فقال: ما لكم تسمعون فلا تعون؟ وتشاهدون فلا تفهمون؟ وتفهمون فلا تتعجبون؟ وتتعجبون فلا تصنعون؟.