الحاكم. وتطلق السياسة أيضا على حسن التدبير وجودة الرأي. ونقل عن بعضهم تعريفا آخر للسياسة يحصرها في القانون الموضوع لرعاية الآداب والمصالح وانتظام الأحوال.

وإذا كان ابن العنابي يرى ضرورة تقليد غير المسلمين في الأمور الحربية والصناعية والعلوم العملية فإنه لا يرى ذلك بخصوص التشريع والعلوم السياسة، بل صرح بأن السياسة (العقلية) لغير المسلمين لا يحتاجها المسلمون، فهو يقول إن ما عليه (الكفرة من سياستهم العقلية فنحن في غنى عنه)، لأن للمسلمين الكتاب والسنة، وفيهما من التشريعات السماوية ما يغني عن قوانين الأروبيين الوضعية. وهذا الرأي للمؤلف يدل على أنه كان مطلعا على الاتجاه الليبرالي العقلاني الذي بدأ ينتشر في أروبا بعد الثورة الفرنسية. ومن الغريب أننا نجد ما عبر عنه ابن العنابي هنا شبيها بما عبر عنه مواطنه ومعاصره، حمدان خوجة، بعد أقل من عشر سنوات، حين قال وهو يحاجج الليبراليين الأروبيين أنهم لو اطلعوا على ما لدى المسلمين من قوانين وأحكام لغيروا موقفهم من الحضارة الإسلامية من جهة وغيروا من سياستهم الاستعمارية في الجزائر (?) وعلى كل حال فإن رأي هذين المفكرين جدير بالدراسة والمقارنة، لأن كليهما يؤمن بضرورة التقدم والتجديد والأخذ عن أروبا نظامها العسكري واختراعها العلمي، ولكن ليس كذلك في التشريع والسلوك والسياسة.

وقد أوضح ابن العنابي بأن مبنى السياسة الشرعية ثلاثة أمور هي:

1 - اللين وترك الفضاضة، أو بعبارة أخرى تبصر الحاكم ومرونته وقدرته على خفض الجناح وكبح الغضب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015