لم يبيض عمله. وعلى كل حال فقد أشار إليه بأنه يقع في (ورقة صغيرة) (?) ولو ذكره لعرفنا منه فحوى الكتاب وأسلوب كاتبه. ومهما يكن الأمر فإن هذا الخبر يشير إلى منزلة ابن العنابي لدى الداي، ولولا ذلك لا ستكتب الداي كتابه الرسميين (أو الخوجات) لنفس الغرض إذ المعروف أن قاضي الحنفية (أو القاضي عامة) لا يقوم بهذه المهمة.
ونعرف من مصدر آخر أن ابن العنابي كان ضمن العلماء في المنازعة التي وقعت بينهم وجعلت الباشا يتدخل في الموضوع. فقد جاء في (التشريفات) ص 77 أن مناقشة حادة جرت بين العلماء في المجلس الشرعي الذي كان يجتمع كل يوم خميس بحضور الباشا أو ممثله. ولما علم الباشا بما حدث (ونحن لا نعرف موضوع الخلاف) قرر عزل المفتي الحنفي، وهو محمد بن العنابي وتعويضه بالشيخ أحمد بن إبراهيم بن أحمد، كما قرر عزل المفتي المالكي، وهو علي بن الأمين وتعويضه بالشيخ محمد بن الحفاف. وكان ذلك يوم الجمعة الموافق أول شعبان 1226 (23/ 8/ 1811).
ويختفي اسم ابن العنابي فترة من الوظائف الرسمية، فلا يظهر من جديد إلا في عهد الداي عمر باشا (1230 هـ - 1814 م) (1232 هـ - 1816 م). فقد وجد اسمه عندئذ هكذا (محمد بن محمود) ضمن قائمة وزراء وأعيان الباشا المذكور، متقلدا وظيفة (نقيب أشراف مكة والمدينة) واضعا أمام ذلك ختمه الذي يحمل تاريخه (?).