كتب منه عشر كراسات، مما يوحي بأنه لم يتمه. ويتضح لنا أن الكتاب يتماشى مع تجربة ابن العنابي في القضاء والإفتاء سواء في الجزائر أو في مصر، كما يتماشى مع مواقفه المتحررة التي عبر عنها في كتابه (السعي المحمود) من وجوب الأخذ بأسباب النهضة الإسلامية وذلك بتقليد الأروبيين في كل ما يعود على الإسلام والمسلمين بالنفع، وأخيرا فإن الكتاب يتماشى مع تجربته الواسعة في الشؤون السياسية والدبلوماسية والتي تكلمنا عليها فيما مضى. وليت، الباحثين يعثرون على نسخة كاملة من هذا الكتاب لنعرف آراء ومواقف إضافية عن مؤلفه.
ومهما كان الأمر، فإن الموجود منه حتى الآن لا يتجاوز الكراسة، إذ يقع في 14 ورقة فقط (28 صفحة، مقاس 21 في 16) (?)، وموضوعه هو الفقه الحنفي وليس فقه المذاهب الأربعة، كما ذكر السيد عبد الحميد بك، وقد ذكر ابن العنابي في المقدمة صراحة أن محمد علي والي مصر هو الذي طلب هذا العمل، ولكنه لم يذكر التفاصيل التي أوردها عبد الحميد بك. وأشار ابن العنابي إلى ذلك بقوله إن أحكام الشريعة الإسلامية قد تضمنت سوابق سياسية تتماشى والعقل السليم حتى أن الأمم الأخرى اقتبست واستفادت منها، وإن محمد علي قد سمع بذلك فرغب في تجديد العمل بالأحكام السابقة بعد اندراس العمل بها، وذلك (بوضع مختصر جامع لأحكام القضايا السياسية المأثورة) كما أشار إلى أن هذه الأحكام ستكون طبقا للمذهب الحنفي (دون التنصيص المباشر عليه) وذلك في قوله عن مشروعه (منتخب من صحيح المذهب) وليس المذاهب الأربعة. وهكذا استجاب ابن العنابي لأنه لا يسعه،