دشينية توفي ببعلبك ليلة الجمعة تاسع وعشرين شهر ربيع الأول، ودفن يوم الجمعة بعد الصلاة ظاهر باب نخلة، وهو في عشر السبعين، وخلف تركة عظيمة؛ قيل أنها تقارب بمائة ألف دينار، ولم يرزق ولداً، وإنما كان له زوجة وابنا عم، فاحتاط الملك الظاهر على تركته، وكان بدمشق وأخذ منها قريب أربع مائة ألف درهم وأفرج لورثته عن الوثائق والأملاك فتمحق أكثر ذلك، وكان وقف في حال حياته وقفاً على وجوه البر يتحصل منه في السنة قريب خمسة آلاف درهم وقفه على نفسه مدة حياته، ثم من بعده يصرفه في مصارفه، فجرى فيه فصول واستقر بعد وفاته وقفاً كما وقفه، وكان أراد الرجوع فيه قبل وفاته واستفتى على ذلك، فوجد كتاب الوقف قد كتب به نسخة وحكم الحكام بصحته فلم يجد إلى ذلك سبيلاً، وكان يشح على نفسه بأيسر الأشياء. وكان سبب وقفه لهذا الوقف أن الحوطة لما حصلت في سنة أربع وستين ورسم أنه لا يفرج لأحد إلا بعد ثبوت كتابه بدمشق في وجه وكيل بيت المال نظر المشار إليه ووجد عنده فوق المائة كتاب وأنه يغرم على الإثبات بدمشق وبعلبك على كل كتاب تسجيل وشهود الطريق قريب الخمسة عشر درهماً، فرأى ذلك يشق عليه ولم تسمح نفسه به، فقيل له: أنت ليس لك نية تبيع هذا الملك ولا ترهنه، والمصلحة أنك توقفه على نفسك مدة حياتك، ثم بعدك على أولادك إن كان لك ولد وإلا على وجوه البر، فتجمع هذه الأملاك