حكى قاضي القضاة عز الدين محمد بن الصائغ رحمه الله عن الشيخ عبد الله المذكور رحمه الله ما معناه قال: كنت يوماً بجامع دمشق مع الفقراء، فحضر شخص ومعه كتاب وذهب في خرقة، وقال للفقراء: أفيكم من يروح إلى الديار المصرية مع هذا القفل ليتصدق بحمل هذا الكتاب والذهب إلى أصحابه مثاباً في ذلك؟ قال الشيخ عبد الله: فلم يتكلم من الجماعة أحد. فحضر لي إجابة سؤال ذلك الرجل والتوجه إلى الديار المصرية للتفرج، فقلت له: أنا أروح. فأعطاني الذهب والكتاب، فخرجت مع القفل، وبقيت في الطريق تعباناً جائعاً أصل الأيام بلا أكل. فلما توسطنا الطريق جعت جوعاً شديداً فعاينت الموت، وإذا بالقفل يقولون: قد طلع علينا حرامية، فأخذت قوسي وتبعتهم، فانهزموا عن آخرهم. قال: فعظمني أهل القفل وأطعموني وأكرموني غاية الإكرام؛ فلما وصلنا الديار المصرية نزلنا في خان، فلما استقرينا في الخان سمعت غلبة عظيمة وإذا بشخص من الجماعة يقول: قد زاح لي ذهب عدده كذا ووزنه كذا وهو في خرقة صفتها كذا. قال: فقلت في نفسي: والله وكذلك الذهب الذي معي، وتألمت لذلك وتوكلت على الله تعالى. فشكى ذلك الرجل إلى الوالي وأحضر رجاله، وأخذ جميع من في الخان إلى دار الوالي ليفتشونا، فرحت معهم، وقد انقطع قلبي. فلما صرنا في دار الوالي أحضروا واحداً، ثم أنه أحضر شخصاً وصمم عليه؛ ثم قال له: هات الذهب بعينه وإلا فعلت بك وصنعت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015