وخمس مائة، ثم اجتمعت به بدمشق وعلقت عنه بفوائد، أنشدني لنفسه بحلب في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وست مائة، قوله:
ليلى كشعر معذبي ما أطوله ... أخفى الصباح بفرعه إذ أسبله
وأنار ضوء جبينه من شعره ... كالصبح سل عن الدياجي منصله
قصصي بنمل عذاره مكتوبة ... بأحسن ما خط الجمال وأجمله
والله قد أهملت لام عذاره ... يا عاذلي ما كل لام مهمله
اقرأ على قلبي سباً في حبه ... والذاريات لمدمع قد أهمله
آيات تحريم الوصال أظنها ... وطلاق أسباب الحياة مرتله
ما هامت الشعراء في أوصافه ... إلا وفاطر حسنه قد كمله
ثبت الغرام بحاكم من حسنه ... وشهادة الألفاظ وهي معدله
كم صاد من صاد بعين دونها ... أسياف لحظ في الجفون مسلله
إن أبعدته يد النوى عن ناظري ... فله بقلبي إذ ترحّل منزله
بالعاديات قد اعتدى عنا ضحىً ... وبدا له في كل قلب زلزله
شمس النفوس لبينه قد كورت ... والنار في الأحشاء منه مشعله
قال وأنشدني لنفسه ابتداء مكاتبة كتبها إلى القاضي بدر الدين السنجاري:
لولا مواعيد آمال أعيش بها ... لمت يا أهل هذا الحي من زمن
وإنما طرف آمالي به مرح ... يجري بوعد الأماني مطلق الرسن