صارم الدين التبنيني كان أميراً جليلاً كبير المقدار عالي الهمة واسع الصدر خبيراً بالتصرفات تنقلت به الأحوال وأحكمته التجارب وولي الولايات الجليلة وكان نزهاً عن أموال السلطان وأموال الرعية لا يدنس بذلك هو ولا أحد من حاشيته وكان صارماً ضابطاً لما يتولاه يكف القوى عن الضعيف وله الحرمة الوافرة عند الملوك ووصله من الأموال في عمره ما لا يحصى كثرة وأنفقها جميعها وقل ما بيده في آخر عمره وتوفي إلى رحمة الله تعالى مجرداً في حصن الأكراد بظاهره في شهر ذي الحجة ودفن ظاهر الحصن المذكور وقد نيف على السبعين وكان له إلمام بالأدب والفضيلة ومعرفة تامة بالجوارح ومعالجتها وصنف في ذلك وفي البيطرة ما يحتاج إليه وينتفع به رحمه الله.

محمد بن عبد المنعم بن نصر الله بن جعفر بن أحمد بن حواري أبو المكارم تاج الدين التنوخي المعري الأصل الحنفي المذهب الدمشقي المولد والدار والوفاة المعروف بابن شقير مولده في سنة ست وستمائة سمع وحدث بدمشق والقاهرة وكان أديباً فاضلاً وعنده رئاسة ومكارم أخلاق ودماثة وحسن محاضرة وهو من شعراء الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن محمد وله فيه مدائح جمة وكان الملك الناصر يحبه ويقدمه على غيره من الشعراء الذين في خدمته وتوفي تاج الدين المذكور يوم الثلاثاء تاسع عشر صفر في منزله بسفح قاسيون ودفن في دهليز مغارة الجوع بقاسيون رحمه الله تعالى ومن شعره:

لاح وهناً بالأبرقين بروق ... فاعترى قلبي المشوق خفوق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015