حاطة في الهواء رحلها، جائمة جثوم الهزم هادية هداية العلم، تحلق تحليق الصقور، وتحني الصخور، بالصخور وما زالت بها حتى هدمت منها الأركان، وما برح النقابون حتى سروا في ضمائرها سريان الدم في مفاصل الإنسان، وقصدوا بمباضع إقطاعاتهم عروق تلك الأبدان، واستكنوا بها داء معضلاً لا يجد العدو إليه من فتكاته دواء موصلاً، تنموا بتنقيص المواد أخلاطه، ولا يرجى ببحارين الأمطار المرسلة انحطاطه، حتى تجللت من الحصن المذكور قواه، واحترقت حماة من النيران الموقدة بأحشاء حماه، فحينئذ بلغت روحه التراقي، وعجلت عليه المجانيق المذكورة التي أصابته بعين ما لها من راقي، من كل ذات أعضاء وأعضاد وأعصاب من السرياقات وعروق تتخلل تلك الأجساد وذات زمانة كم لها خطوة في الهواء بعيدة المنال، وأمانة كم ردت إلى الحبال، ما عجزت عن حمله الجبال، لها كف متسمحة، وأعطاف لا تبرح حين تجود مترنحة. ما زالا هذا بعويل معاوله وهذا بأنين سهامه ينعيان الكفر مساء صباحاً ويترنمان بما يظنه المسلم له غناء وتحسبه للكفر عليه نواحاً، حتى تسلمناه في يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شعبان المبارك فيأخذ حظه من هذه البشارة الحسنة، ويجعل الأصوات بها على الأدعية الصالحة مؤمنة، والله يمتع الشريعة بمساعيه المستحسنة بمنه وكرمه: كتب في التاريخ أعلاه، ولما حصل الاستيلاء على حصن الأكراد كتب صاحب أنطرطوس