حجارتها إليهم عند ما حصلت من المجانيق في الصدور، فبعثرت من أجسادهم المرسومة بالقلعة ما في القبور، وكانت هذه القلعة المذكورة قد قسمها العدو قسمين، وخاصم الإسلام منها بخصمين، وجعلها قلعة دون قلعة، وصيرها ملكاً مقسوماً حتى لا تكون فيه شفعة، وجعل أحديهما مهبط قباله ومحط نزاله، ومأوى رجاله، والأخرى مستودع نفسه وماله، فلما أحسوا بأسنا ورأوه شديداً وشاهدوا حزمنا عتيداً، وعزمنا مبيداً، واقتحموا الأسوار بتسورها الرجال، والمجانيق تحف بهم عن اليمين وعن الشمال، وضعفوا عن أن يحموا من تلك القلل جهتين، أو أن يقتسموا بهما فئتين، أو يجمعوا مع كفرهم إلا ما قد سلف بين الأختين، أو أن يغدو بخس شركهم إلا وهو فيما دون القلتين حرقوا ما بالقلعة من مصون، وأضرموا بها نيراناً أعجب شيء كونها لم تطف بما أجروه من الجفون، وغالبتهم اليد الإسلامية قبل تركها، ودخلتها عليهم قبل الخروج عن ملكها، وذلك يوم الأربعاء سادس وعشرين شهر رجب المذكور وكانت المجانيق ترمي عليها فصارت ترمي منها، وتصدر حجارتها إليها فصارت تصدر عنها، وتملكناها معقلاً شيده لنا العدو وبناه، وحصناً منيعاً دافع عنه حتى تعب فلما تعب أخلاه وخلاه، وأصبح بحمد الله شك فتوحها لنا يقيناً، وما كان من خنادقها وأسوارها يقي الكفار وغداً يقي عساكرنا ويقيناً وصارتا جارتين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015