إلى الديار المصرية طلب من الملك المعز الإفراج عن الأمير جمال الدين فقال له الملك المعز ما بقي المولى يراه إلا في عرصات القيامة إشارة إلى أنه قد مات ولم يكن مات بل كان في قاعة بقلعة الجبل وعليه الملبوس الفاخر والملك المعز يدخل إليه في بعض الأوقات ويلعب معه بالشطرنج ولم يزل الأمير على ذلك حتى قتل الملك المعز وجرى ما أشرنا إليه عند قتله واستمر في الاعتقال إلى أن خرج الملك المظفر سيف الدين قطز رحمه الله لقتال التتار في سنة ثمان وخمسين، فلما من الله سبحانه وتعالى وكسرهم كتب إلى النواب بالديار المصرية بالإفراج عنه وتجهيزه إليه فأفرج عنه وسير إليه فلقيه في الطريق وقد خرج من دمشق فعاد معه واجتمع به الأمير ركن الدين البندقداري وأطلعه على شيء مما عزم عليه فأغلظ له في الجواب ونهاه عن ذلك وصده بكل طريق وقال له لو كان للملك المظفر في عنقي يمين لأخبرته بذلك وأطلعته عليه فإياك إياك أن تقع في ذلك فأظهر له الإصغاء إلى قوله وفعل ما كان عزم عليه من قتل الملك المظفر رحمه الله، ولما استقل بالسلطنة عظم الأمير جمال الدين في عينه ووثق به وسكن
إليه وكان عنده في أعلى المراتب وأعطاه إقطاعاً عظيماً وكان يرجع إلى رأيه ومشورته في الأمور الدينية وما يتعلق بالقضاة والعلماء والمشايخ وأرباب الخرق فإنه لم يكن يعدل عن رأيه في ذلك البتة وجهزه في هذه السنة إلى بلاد سيس والساحل مقدماً على طائفة من الجيش والأمير سيف الدين قلاون الألفي مقدماً على طائفة أخرى فأغاروا وغنموا وقتلوا وسبوا وأسروا وفتحوا حصوناً كثيرة وعادوا في شهر رمضان واجتازوا ببعلبك وكان بيننا وبين الأمير جمال الدين رحمه الله صحبة ومعرفة ومودة فحضر إلى مسجد الحنابلة وأشار إلى بأنه يريد الدخول إلى الحمام فأدخلته إليه، فلما خرج دفع إلى الحمامي جملة كثيرة من الدراهم وجمع بيننا وبين الأمير سيف الدين قلاوون رحمه الله في تلك الدفعة فحصلت المعرفة به من ذلك التاريخ ثم توجه إلى صفد وباشر الحصار بنفسه وكان في غزوات الكفار يبذل جهده ويتعرض للشهادة فجرح عليها وبقي مدة وألم الجراحة يتزايد وحمل إلى دمشق فتمرض بها إلى أن درج إلى رحمة الله تعالى وختم الله أعماله الصالحة بالشهادة وتوفاه إلى رضوانه ليلة عرفة ودفن في مقبرة رباط الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمه الله بسفح قاسيون، وكان في محبة الصلحاء والفقراء والاعتقاد فيهم والبر بهم والتواضع لديهم أوحد عصره رحمه الله. يه وكان عنده في أعلى المراتب وأعطاه إقطاعاً عظيماً وكان يرجع إلى رأيه ومشورته في الأمور الدينية وما يتعلق بالقضاة والعلماء والمشايخ وأرباب الخرق فإنه لم يكن يعدل عن رأيه في ذلك البتة وجهزه في هذه السنة إلى بلاد سيس والساحل مقدماً على طائفة من الجيش والأمير سيف الدين قلاون الألفي مقدماً على طائفة أخرى فأغاروا وغنموا وقتلوا وسبوا وأسروا وفتحوا حصوناً كثيرة وعادوا