وإرادة السلم كانت عليهم القاضية، والمجلس أيده الله يأخذ حظه من هذه البشرى، ويقر بها عيناً ويشرح بها صدراً، ويحلي وجوه بشائرها من هذه المكاتبة على عيون الناس من كل حاضر وباد، ويستنطق بها ألسن المحدثين وفي كل محفل وناد، والله يحرس المجلس ويسهل بهمته كل مراد، إن شاء الله تعالى في التاريخ المذكور من وقت الفتح.
ثم أمر بعمارتها وتحصينها ونقل الذخائر والأسلحة إليها وأقطع بلدها لمن ربته لحفظها من الأجناد وجعل مقدمهم الأمير علاء الدين الكبكي وجعل في نيابة السلطنة بالقلعة الأمير عز الدين العلاني وولاية القلعة للأمير مجد الدين الطوري ثم رحل إلى دمشق في تاسع عشر شوال.
ولما كان الملك الظاهر منازلاً صفد وصل إليه في خامس عشر شهر رمضان رسول صاحب صهيون بهدية جليلة ورسالة مضمونها الاعتذار من تأخره عن الحضور فقبل الهدية والعذر ووصلت رسل صاحب سيس أيضاً بهدية فلم يقبلها ولا سمع رسالتهم ووصلت البريدية من متولي قوص يخبر أنه استولى على جزيرة سواكن وهرب صاحبها وبعث يطلب من السلطان الدخول في الطاعة وإبقاءها عليه فكتب له بذلك.
وفي يوم الخميس مستهل ذي القعدة حل الملك الظاهر بدمشق ثم تقدم إلى العساكر بالمسير إلى بلد سيس للغارة فخرجوا من دمشق يوم السبت ثالث الشهر وقدم عليهم الملك المنصور صاحب حماة وتدبير