البشائر أحسن وجوه نستجلي، وألفاظه أعذب ألفاظ تستعاد وتستحلى، وإذا كررت على المسامع أحاديث كتبها لا تمل بل تستملي، لا سيما إذا كانت بإعزاز الدين، وتأييد المسلمين، ونبأ فتح نرجو أن يكون طليعة فتوحات كل فتح منها هو الفتح المبين، فإن أنباءها تجل وقعاً وتعظم في الدنيا والآخرة نفعاً، وتود كل جارحة عند حديثه أن تكون سمعاً، لحديث هذا الفتح الذي كرم خبرا، وخبراً وحسن أثره في الإسلام وردا وصدرا، وطابت أخبار ذكره فشغل به السارون حداً، والسامرون سمراً، وهو فتح صفد واستنقاذه من أسره واسترجاعه إلى الإسلام. وقد طالت عليه في النصرانية مدة من عمره، وإقرار عين الدين بفتحه وكان قذى في عينه وشجى في صدره، وقد كنا لما وصلنا الشام بالعزم الذي نفرته دواعي الجهاد، وأنقذته عوالي الصعاد، وقربته أيدي الجياد ملنا على سواحل العدو المخذول فغرقناها ببحار عساكرنا الزاخرة، وشنينا بها من الغارات ما ألبسها ذلاً رفل بها الإسلام في ملابس عزه الفاخرة، وهي وإن كانت غارة عظيمة شنت في يوم واحد على جميع سواحله واستولى بها النهب والتخريب على أمواله ومنازله، واستبيح من حرمه وحرمه مصونات معاقله، وعقائله، إلا أنها كانت بين يدي عزائمنا المنصورة نشيطة نشطناً بها الغازين واسترهفنا بها همم المجاهدين وقدمناها لهم كلللهنة قبل الطعام للساغبين، وأعقبنا ذلك بما رأيناه أولى بالتقديم وأحرى، وتبيناه شد وطأة على الإسلام وأعظم ضراً، وهي