إليه بخطه على رأس كتابه ما معناه يا أخي فخر الدين للقاضي بدر الدين على حقوق عظيمة لا أقوم بشكرها والذي قد تولاه قليل من حقه وما قمت له بما يجب على من مكافأته فلما وقف الأمير فخر الدين على ذلك لم يعاوده في قضيته وترك الورقة في جملة من أوراق عنده فلما استشهد بالمنصورة وخلف بنتاً صغيرة احتيط على ما في داره فوجدت الورقة في أوراقه فحملها نواب الأيتام إلى القاضي بدر الدين فكان يوقف عليها بعض من يدخل إليه من الأعيان.

وبالجملة فلم يزل في المناصب فإنه ولي سنجار وتلك النواحي ثم ولي بعلبك وأعمالها ثم عاد إلى سنجار ثم قدم الديار المصرية فولي مصر والوجه القبلي مرة والقاهرة والوجه البحري تارة وجمع له الإقليم بكماله وولى تدريس المدرسة الصالحية النجمية التي بين القصرين للطائفة الشافعية مدة وباشر وزارة الديار المصرية مدة وكان في حال تولية الحكم يشارك في الأمور المتعلقة بالدولة ويشاور فيها ويرجع في معظمها إلى رأيه ولم يزل ينتقل في المناصب الجليلة والولايات الحظيرة إلى أوائل الدولة الظاهرية صرف عن ذلك فلزم منزله والناس يترددون إلى خدمته والأعيان يعترفون بتقدمه ورئاسته وحرمته وافرة عند أرباب الدولة ومحله عظيم عند الخاص والعام ومكارمه مشهورة عند سائر الأنام وكان كثير الإحسان وافر العطاء جميل الصفح عن الزلات وإقالة العثرات ورعاية الحقوق والمودات مقصداً لمن يرد إليه من الفقهاء والفضلاء وذوي البيوتات وحج سنة اثنتين وخمسين سافر على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015