مستهل جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وخمسمائة فدخل عليه بغتة وعنده الملك العادل فنهض إليه صلاح الدين واعتنقه وسر به سروراً عظيماً وأخلى المكان وتحدث معه طويلاً، وقال قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان رحمه الله رأيت بخط القاضي الفاضل ورد الخبر بوفاة الأمير سيف الدين المشطوب أمير الأكراد وكبيرهم وكان وفاته يوم الأحد الثاني والعشرين من شوال سنة ثمان وثمانين وخمسمائة بالقدس وخبزه يوم وفاته نابلس وعبرتها ثلاثمائة ألف دينار وكان بين خلاصه من أسره وحضور أجله دون مائة يوم، فسبحان الحي الذي لا يموت وتهدم به بنيان قوم، والدهر قاض ما عليه لوم، وقوله تهدم به بنيان قوم حل به بيت عبدة بن الطبيب في مرثية قيس بن عاصم المنقري سيد أهل الوبر من ثلاثة أبيات وهو الآخر منها:

عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما

تحية من غادرته غرض الردى ... إذا زار عن شحط بلادك سلما

فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما

وأما الأمير عماد الدين فكان السلطان صلاح الدين أقطعه معظم خبز والده بعد وفاته وبقي إلى سنة ست عشرة وستمائة فاتفق مع الملك الفائز سابق الدين إبراهيم بن الملك العادل على الملك الكامل واستحلف جماعة من العسكر وكان مطاعاً فيهم وعرف الملك الكامل فرحل إلى أشمون وعزم على التوجه إلى اليمن ويئس من البلاد واطلع على ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015