دهشاً غير معتد ولا متحفظ فصادفه جماعة من الفرنج فاستشهد إلى رحمة الله تعالى، ودخل ريدا فرنس المنصورة ووصل إلى قصر السلطان الذي على البحر وتفرقت الفرنج في أزقة المنصورة وهرب كل من فيها من الجند والعامة والسوقة يميناً وشمالاً وكادت شأفة الإسلام تستأصل وأيقن الفرنج بالظفر واشتد الأمر وأعضل الخطب فانتدب لهم جماعة من فرسان المسلمين وأولي البصائر وحملوا عليهم حملة رجل واحد فزعزعوا أركانهم وأخذتهم السيوف فقتل منهم خلق كثير قريب ألفي وخمس مائة من فرسانهم وصناديدهم وشجعانهم ولولا ضيق مجال القتال لاستؤصلوا ومضى من سلم إلى مكان يقال له جديلة واجتمعوا به ودخل الليل فضربوا عليهم سوراً وخندقاً وأقامت طائفة بالبر الشرقي، وكانت هذه الواقعة مقدمة النصر وورد المنهزمون من المسلمين آخر النهار من ذلك اليوم إلى القاهرة ولا علم لهم بما تجدد من النصر وأخبروا بما شاهدوا من هجوم الفرنج المنصورة فانزعج الناس، فلما طلعت الشمس من يوم الأربعاء وردت البشرى بالنصر وزين البلدان وعظم السرور.
ولما استقر الفرنج بمنزلتهم كانت الميرة تأتيهم من دمياط في النيل فعمد المسلمون إلى مراكب شحنوها بالمقاتلة وكانوا قد حملوها على الجمال إلى بحر المحلة وألقوها فيه وفيه ماء من أيام زيادة النيل واقف لكنه متصل بالنيل فلما حاذت مراكب الفرنج وهي مقلعة من دمياط بحر