وسائر من في خدمته كثير التعبد والخشوع لم يكن في البيت الأيوبي من يضاهيه في ديانته وحسن طريقته رحمه الله ورضي عنه وكان التتار قد استولوا على جميع بلاده ومعاقله ومعظم أولاده وحرمه وأهله وهو محصور بميافارقين ثم ختم له بالشهادة على هذا الوجه الجميل بعد أن أفنى في مدة الحصار من التتار ما لا يحصى كثرة رحمه الله تعالى.

أبو علي بن محمد بن أبي علي بن باساك الأمير حسام الدين الهذباني كان أميراً كبيراً جليل المقدار قوي النفس حسن التدبير كثير الرياسة عنده تعاظم وتعدد حكى لي الأمير عز الدين محمد بن أبي الهيجاء رحمه الله ما معناه إن الأمير حسام الدين لما حضر إلى دمشق في الأيام الناصرية طلبه الملك الناصر لحضور مشورة فظهر عليه كراهية الحضور وقال كنت أود لو عاجلني الموت في هذه الساعة فقلت لم يا خوند فقال قد طلبني السلطان إلى مجلسه العام وعنده ناصر الدين القيمري عن يساره وجمال الدين بن يغمور عن يمينه وهما عنده في المنزلة العليا فيقتضى الحال القعود دون أحدهما وهذا أرى الموت دونه فهونت عليه ذلك وقلت يا خوند مكانتك معروفة لا ينقصها ذلك فقال لكن على كل حال إذا كان ولا بد اشتهى أن يقعدوني في جهة الأمير ناصر الدين فهو كردي ثم أمرني بالتوجه إلى باب دار السلطان لكشف الخبر فلما صرت بباب دار السلطان وجدت بعض من كان حاضراً قد خرج فحدثني إن بعد توجه الرسول لطلبه تشاوروا أين يقعدونه إذا حضر فقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015