وكان في أول أمره حنبلي المذهب فلما تكرر اجتماعه بالملك المعظم عيسى بن الملك العادل رحمهما الله اجتذبه إليه ونقله إلى مذهب أبي حنيفة رحمة الله عليه وكان الملك المعظم شديد التغالي في مذهب أبي حنيفة فغض ذلك الشيخ شمس الدين عند كثير من الناس وانتقدوه عليه حكى لي بعض الفقراء أرباب الأحوال قال له وهو على المنبر إذا كان الرجل كبيراً ما يرجع عنه إلا لعيب ظهر له فيه وأي شيء ظهر لك في الإمام أحمد حتى رجعت عنه فقال له اسكت فقال أما أنا فقد سكت وأما أنت فتكلم فرام الكلام فلم يستطعه ولا قدر عليه فنزل عن المنبر ومع ذلك كان يعظم الإمام أحمد رحمة الله عليه ويبالغ في المغالاة فيه وتوفيته بعض ما يستحق وعندي أنه لم ينتقل عن مذهبه إلا في الصورة الظاهرة والله اعلم - ومع هذا فكان له القبول التام من الخاص والعام من وأهل الدنيا أهل الآخرة وكان لطيف الشمائل، ظريف الحركات، حسن المعاملة لسائر الناس محبوباً إليهم معظماً في صدورهم وكان عنده فضيلة تامة ومشاركة في العلوم جمة ولو لم يكن من ذلك إلا التاريخ الذي ألفه وسماه بمرآة الزمان وهو بخطه في سبع وثلاثين مجلدا جمع فيه أشياء مليحة جداً وأودعه كثيرا من الأحاديث النبوية الشريفة صلوات الله وسلامه على قائلها - وجملة من أخبار الصالحين وقطعة من الأشعار المستحسنة وسلك في جمعه مسلكاً غريباً وهو من أول الزمان إلى أوائل سنة أربع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015