يعامله بهذه المعاملة وينسبه إلى التهور فإذا اجتمع به أنفعل له في كل ما يختار ولا يكاد يخالفه فيما يطلب منه وكان مجاورا لابن الجزري في درب الأسدية.
حكى ابن الجزري عن والده قال لما تزوجت بوالدتك أولمت وطلبت أصحابي وأهل الحارة فحضروا فقيل لي عنه فقلت للجماعة أنا ما أعطيه شيئاً وأنا جاره ونزيله وأنا رجل غريب فإن حضر فلا كلام وإن لم يحضر فلا حيلة فراح إليه زين الدين الخيمي وذكر له ما قلت فقام وحضر وقال لي أنت مشرقي غلبتني كنت أريد أن أحمل لك شيئاً لأجل أنك جاري والآن قد أطلقتك أيش عندك قلت ثلاث براني شراب فقال ثلاثين درهماً قلت والله ثلاث فلوس حمر ما أعطيك فقال هات من كل واحدة قدحاً فشرب ولعق منهم بالملعقة ثم أحضرت الحلاوة وهريسة فستق فقال والله هذا مأكول خشن يا مشرقي والله ما غلبني أحد غيرك فلا تخبر على مشتري قال وبقي بعد ذلك كل واحد يهادي صاحبه إلى أن مات رحمه الله قال وكان دائماً يبعث إلى مما يجيئه وأنا أبعث له من عير أجرة وكان لا يقبل لأحد هدية إلا بشئ فكان كثير من الناس يبعث له شيئاً فيضعوه في أسفل داره أو في الباب ويهربون فلا يدخل منه شيئاً إلى داره بل يفرقه للفقراء الحاضرين وجواره في الدرب رباطين فيسيره إليهم وإلى غيرهم من المحاجين وكان من عجائب الدهر وغرائبه لم يسبقه أحد قبله بهذا