بدمشق في ثامن عشر ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وخمسمائة كان رئيساً جواداً كبير الهمة مفرطاً في الكرم يستقل الكثير في العطاء وأنفق من الأموال جملاً عظيمة وتوفي وهو فقير من فقراء المسلمين.
يحكى عنه في كرمه وسعة صدره غرائب كثيرة من جملتها أنه توجه إلى الديار المصرية معه هدية نفيسة لأولاد شيخ الشيوخ وغيرهم وكان بينه وبين أولاد شيخ الشيوخ قرابة فإن والدتهم أبنة عمه فلما سير للأمير فخر الدين نصيبه من الهدية استعظمها وقال بما نقابل هذا الرجل واتفق حضور الهدية سكر عال مكرر للأمير فخر الدين بالقصد من بعض اقطاعاته فسير له منه حملاً وقال هذا يشربوه غلمان الشيخ شرف الدين فلما جاء السكر عمله حلوى منوعة وكان في خدمته حلاوي من الشام ماهر في صناعته وسير الحلوى للأمير فخر الدين فلما أكل منه أعجبته أعجاباً كثيراً ورأى لها طعماً غريباً لم يعهده في غيرها فأحضر الحلاوي الذي في مطبخ نفسه وأطعمه من تلك الحلوى ورام منه أن يعمل مثلها فقال ما أدري ما هذه ولا أعرف كيف عملت ثم سال الحلاوي لمن ساعد حلاوي شرف الدين على عملها عن كيفيتها فذكر أنها ليست بشيرج وإنما هي بدهن لوز استخرج وطبخت به مع كثرة الفستق والمسك وغيره ولعلها أرادت أرادب عدة قلب لوز فأخبر الحلاوي الأمير فخر الدين بذلك فستهالها وقال هذا جنون.