تعالى بقرية يونين اغشاه وأزوره كثيراً فيقبل عليّ ويتلطف خلاف ما عادته أن يعامل به غيري وأما إذا كنت ببعلبك فأتردد إلى زيارته في الأحيان فلما كانت هذه السنة كان والدي رحمه الله يأمرني كل وقت بقصد زيارته كأنه استشعر قرب أجله وأحس به فكنت بعد كل يوم أتردد إليه فقصدته مرة في أول شوال من هذه السنة ومعي ناصر الدين علي بن فرقين والشمس محمد بن داود رحمهما الله فدخلنا عليه وليس عنده غيرنا وشرع يحدثنا واسترسل في الحديث وغاب واستغرق وهو يحدثنا عن غير قصد منه لذلك ثم أفاق من غيبته فقطع الحديث فسألناه إتمامه وألححنا عليه في السؤال فانشد
من سارروه فأبدى السر مشتهرا؟ ... لم يأمنوا على الأسرار ما عاشا.
وأبعدوه فلم يحظ بقربهم ... وبدلوه مكان الأنس أيحاشاً.
وكان مضمون الحديث أنه جاءه من رجال الغيب من اخبره بدنو أجله أو ما هذا معناه وإن كنت الآن لا أحقق جميع الحديث على وجهه فاتفق مرضه في أواخر الشهر المذكور وبقي على ذلك أياماً وأهل البلد من الرجال والنساء يترددون إلى زيارته وإعادته ويغتنمون بركته إلى أن توفي رحمه الله ورضوانه في التاريخ المذكور فلما وصل خبر وفاته إلى بعلبك لم يبق في البلد إلا القليل وخرج الناس لشهود جنازته والصلاة عليه فكان الناس منتشرين والمدينة إلى يونين والمسافة فوق فرسخين أما والدي رحمه الله فأنه حصل له من الحزن والكآبة والوجوم لموته مالا مزيد عليه وأمرني بالمبادرة لحضور دفنه فبادرت