صلاة القاضي الأجل الإمام العالم شمس الدين ولد سيدنا قاضي القضاة شيخ العلماء عز الدين بن عبد السلام أيده الله تعالى، وأمتع ببقاء ولده فسمعته خطب خطبة حسنة بليغة وجلت لها القلوب، وذرفت العيون، وأدى أداء حسناً بفصاحة، وطلاقة لسان، وضبط الإعراب، ووقوف على مقاطع الكلام، وإتيان الفرائض، وتوفية السنن، ثم صلى صلاة حسنة، أكمل فروضها، وأتى بسننها، وأحسن أداء القراءة فيها، وأوجز في خطبته، وأطال الصلاة غير ممل في صلاته، وذلك ليس ببدع منه، فإنه نشأ في حجر العلم، وغذى بدر الورع والزهد، فنفع الله تعالى به، وألهم ولي الأمر، وأعانه الله تعالى على ما ولاه من الإحسان إليه، والعاطفة عليه، بمنه وكرمه ".
وكان الشمس المذكور يتكلم بكلام مسجوع يشبه سجع الكهان، ويدعي أنه يلقى إليه من الجن، وتمانى الوعظ، فكان فيه منحط الرتبة، وبلغ والده شيخ الإسلام عز الدين رحمه الله، فورد كتابه إلى بعض أصحابه، وفيه: بلغني أن هذا الولد المتخلف إبراهيم قد صار عضة للناس، فترك ما كان يعانيه من ذلك، وكان يترفع في المجالس بسبب والده رحمه الله، فعمل النجم ابن إسرائيل في ذلك:
تصدر البطرخل ... وهو الأقل الأذل
فلا رعى الله شيخاً ... به علينا بذل
وكان الشمس ينبز بالبطرخل وغيره من هذا الجنس، وكانت وفاته بالعقيبة ظاهر دمشق في ليلة الأحد تاسع عشر ربيع الأول، ودفن بمقابر باب الصغير