ذيل مراه الزمان (صفحة 1585)

كثير من أوصافه، عنده تواضع مفرط، ولين الكلمة، ورقة القلب، وغزارة الدمعة، وسلامة الصدر، وحسن العقيدة في الفقراء والصالحين، وعدم الالتفات إلى الدنيا والاحتفال بأمرها، ولى الحكم ببعلبك وعملها، وباشر ذلك مدة سنين إلى حين وفاته رحمه الله ولم ينله من جميع ما كان باسمه من الجامكية، والجراية إلا قوته لا غير، ولا يسأل عما عدا ذلك، وأما بشره، وتلقيه بالترحب لمن يحضر عنده، فخارج عن الحد حتى لقد كنت أترك الاجتماع به مع كثرة إيثاري لذلك لما يعاملني به في المبالغة من الاكرام. وتوفى إلى رحمة الله تعالى ولم يترك درهماً ولا ديناراً سوى ثياب بدنه لا غير، وكانت يسيرة جداً، وترك عليه جملة من الدين بيعت كتبه، وفي ما عليه، ودفن في تربة سيدنا الشيخ عبد الله اليونيني رحمة الله عليه وهو أسن من قاضي القضاة شمس الدين رحمه الله ومنذ بلغه وفاة أخيه قاضي القضاة شمس الدين حصل له من الحزن ما لا مزيد عليه، ولم يكن دمعه يرقأ في غالب أوقاته، ولازم الحزن والبكاء إلى حيث لحق بهما رحمهما الله تعالى وأسكنهما غرف جنانه فلقد كانا من محاسن الدهر، وكانت وفاة القاضي بهاء الدين محمود المذكور رحمه الله في يوم الأربعاء ثاني عشرين شهر رجب سنة ثلاث وثمانين وست مائة ببعلبك، ودفن يوم الخميس.

محمد بن محمد بن يحيى بن محمد بن علي أبو عبد الله بدر الدين التغلبي. كان شاباً فاضلاً، أسمعه قاضي القضاة نجم الدين في صغره على مشايخ وقته، وأحضره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015