فهذه أسعدها وهذه أشقاها. من ذا الذي صورك. فأحسن صورك. وفتق سمعك، وخرق بصرك. ثم برحمته شملك. وعلى أكف رأفته حملك. وجعل عن يمينك ملك، وعن شمالك ملك، ينقلان عملك إلى من ملك. في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. انظر إلى الرياض، كيف أخباها. فاستخرج منها ماءها ومرعاها. وانظر إلى الغياض، كيف اهتزت رباها. إذ هو بلطيف حكمته رباها. انظر إلى الأرض، كيف دحاها. ونشرها من تحت هذه البقعة الشريفة بعد ما طواها. فسبحان من شرف هذه البنية واصطفاها. وجعلها حمى لمن حام حول حماها، وحرما امنا لمن وفى ما عليه حين وافاها. ووجهه لمن واجهها الجاها. وأراد عندها جاها. فهي التي هاجر منها الحبيب، ما هجرها ولا قلاها. وما انقلب قلبه سواها. حتى أنزل عليه جبريل في آيات تلاها: " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها "
فول بوجهك الحسن المفدى ... إليها حيث وجهت اتجاها
فإن ابك إبراهيم قدما ... لأجل رضاك عنا قد بناها
وإسماعيل طاف بها ولبى ... وطهرها لمشتاق أتاها
هي البلد الأمين وأنت حل ... فطأها يا أمين فأنت طه
ولولا أنت حل في ذراها ... لما شرفت ولا حميت حماها
فوجه حيث كنت لها وكبر ... ولا تعدل إلى شيء سواها
ووجه الله قبلة كل قلب ... لمن شهد الحقيقة واجتلاها
هذا البيت قبلة كل قلب ... لمن شهد الحقيقة واجتلاها
هذا البيت بيت الله بشرى ... لنفس فيه قد بلغت مناها