بجامع دمشق، وجوامع الشام بأسرها، خلا مواضع يسيرة جداً توقفوا ثم خطبوا بعد ذلك، وكان الكتاب الوارد من الملك المنصور على الأمير شمس الدين سنقر الأشقر بخط المولى تاج الدين أحمد بن الأثير رحمه الله وفيه: " لا زالت أيامه عجابها. تهتنى وترى من النصر ما كانت تتمنى. ويتأمل آثارها. فيملأها حسناً. ويشاهد من أمائر الظفر ما يوسع العباد أمناً. ويستزيد الحمد على ما وهب من الملك الذي أولى كلاً منا مناً. المملوك يهدي من لطيف أنبائه، ووظائف دعائه. وما استقر من عوارف الله لديه. وما جناه من النعم التي ملأت يديه ما يستروح به، ويستفتح لسان الحمد بتقديمه، ويزداد به مسرة نفسه ابتهاجاً وتزدان به عقود السعود، وإنما تزين انسلاك في العقود ازدواجها، ويقوى به قوى الغرائم وبمثله الأعدء في أوكارها. فيكاد يتجرد ذيول الهزائم. وتبعث الآمال على تمسكها بالنصر، ويظهر منه المحاب التي لو قصدت الأقلام بحصرها، لعجزت عن الحصر، وهو أن العلم الكريم قد أحاط بالصورة التي استقرت من دخول الناس في طاعة المملوك، واجتماع الكلمة عليه، واستقلاله بأمر السلطنة المعظمة ".
ولما كان يوم السبت الثالث من شعبان المبارك سنة ثمان وسبعين وستمائة ركب المملوك بشعار السلطنة وأبهة المملكة، وسلك المجالس العالية والأمراء الأكابر، والمقدمون، والمفاردة والعساكر المنصورة من آداب الخدمة، واخلاص النية، وحسن الطاعة كل ما دل على انتظام الأمر واتساق عقد النصر، ولما قضينا من أمر الركوب وطراً وأنجزنا