لولاك لم أشم لبرق الشآم ولم ... أودّ بالمنحنى أثلاً ولا بانا
ولا تمنيت من بطحاء خيف منى ... حزن الديار الذي غربي نجرانا
ولم يبق لي في نوى نعماك من أمل ... ففيم أستوثق الركبان نشدانا
الكلّ أنت وبرّ الأرض أجمعها ... وكأس فضلك لا يجتاز حمانا
فهب لتفرقتي جمعاً أعيش بها ... حباً لديك وهب لي منك رضوانا
أنت السلام فإن يهدي السلام إلى ... مهدي السلام مجازا صار مهدانا
كان نجم الدين، ناظم هذا القطع لا شك في جودة شعره ومعرفته بالأدب، لكنه أطلق لسانه في هذه القصيدة النونية بما ينبو عنه السمع، ورده الشرع، ولا يحتمل التأويل. والعجب أن مدحه بما لا ينبغي في حق بشر، ثم قال:
مصداق قولي أن قد صرت محتجباً ... في عزنا وكفاني ذاك عنوانا
وكان الشيخ عليّ الممدوح - رحمه الله تعالى - صاحب دمشق في ذلك الوقت بحصن عزتا قريب وادي بردا وبقي محبوساً به مدة سنين، فجعل الدليل على صحة ما ذكره من الصفات العظيمة المنسوبة إلى حبسه، وهذا في غاية التناقض والقبح، والعجب منه كونه خفي عنه ذلك، وإنه استشهاد ساقط لا مناسبة له ولا في غير هذه القصيدة ألفاظه ينقد عليه فيها غير أنها محتملة لها تأويل يحمل عليه، وكان مع هذه المبالغة يقول عنه، إذا ذكره صاحبنا كأنه يترفع أن يقول شيخنا ماذا قيل له في ذلك يقول: شيخي شهاب الدين السهروردي وإنما الشيخ صحبته بعد ذلك مدة زمانية إلى حين وفاته، هذا سمع منه وما هو في معناه غير مرة في آخر عمره - رحمه الله أجمعين.