ذيل مراه الزمان (صفحة 1193)

قلّ أن تزول بالكلية إلا في النادر. وكان شديد الورع وعدم التطلع إلى الدنيا أقبلت أو أدبرت. ولما باشر مشيخة دار الحديث الأشرفية بمدينة دمشق لم يتناول من جامكيتها درهماً واحداً ولا من غيرها، وكان قوته من أرض يزرعها والده، ويرسل له منها ما يقتات به على سبيل الضرورة، ولم يجمع بين أدامين، ولا أكل فاكهة دمشق؛ فسئل عن امتناعه ذلك، فقال: دمشق كثيرة الأوقاف، وأملاك من هو تحت الحجر شرعاً لا يجوز التصرف لهم إلا على وجه الغبطة والمصلحة والمعاملة فيها على وجه المساقاة، وفيها خلاف بين العلماء. ومن جوزها قال..........الغبطة والمصلحة والناس لا يفعلونها إلا على جزء من ألف جزء من الثمر المالك، فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك، وأيضاً فغالب من يطعم أشجاره إنما يأخذ الأقلام غصباً أو سرقة، لأن أحداً ما يهون عليه بيع أقلام أشجاره، وما جرت بذلك عادة فيؤخذ تلك الأقلام سرقة وتطعم في أشجار الناس فتطلع الثمرة في نفس القلم المغصوب، فيكون ملكاً لصاحب القلم لا لصاحب الشجرة، فيبقى بيعه وشراءه حراماً. وكان صائم الدهر لا يأكل إلا أكلة واحدة عند السحر ولا يشرب الماء البارد ذاكراً.

ولما صنف المنهاج في الفقه وقف عليه الشيخ رشيد الدين الفارقي رحمه الله وكتب على ظهره هذه الأبيات:

أعتني بالفضل يحيى فأغتني ... عن بسيط ووجيز نافع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015