والوزير، وصاحب المخزن، وكبار العلماء والحمد لله على نعمه.

وذكر في هذه السنة: أنه تكلم يوما بحضرة الخليفة، وحكى له موعظة شيبان للرشيد، قَالَ: وقلت له في كلامي: يا أمير المؤمنين، إن تكلمت خفت منك، وإن سكت خفت عليك، وأنا أقدم خوفي عليك على خوفي منك.

قال ابن القطيعي: سمعت من أثق به. قَالَ: لما سمع أمير المؤمنين المستضيء ابن الجوزي ينشد تحت داره:

ستنقلك المنايا عن ديارك ... وَيُبْدِلُكَ الردى دارا بدارك

وتترك ما عنيت به زمانا ... وتنقل من غناك إلى افتقارك

فدود القبر في عينيك يرعى ... وترعى عين غيرك في ديارك

فجعل المستضيء يمشي في قصره ويقول: أي والله: وترعى عين غيرك في ديارك ويكررها ويبكي حتى الليل.

وحاصل الأمر: أن مجالسه الوعظية لم يكن لها نظير، ولم يسمع بمثلها. وكانت عظيمة النفع، يتذكر بها الغافلون، ويتعلم منها الجاهلون، ويتوب فيها المذنبون، ويسلم فيها المشركون. وقد ذكر في تاريخه: أنه تكلم مرة، فتاب في المجلس على يده نحو مائتي رجل، وقطعت شعور مائة وعشرين منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015