فعبرت إلى باب البصرة فدخلتها بعد المغرب، فتلقاني أهلها بالشموع الكثيرة، وصحبني منها خلق عظيم فلما خرجت من باب البصرة رأيت أهل الحربية قد أقبلوا بشموع لا يمكن إحصاؤها، فأضيفت إلى شموع أهل باب البصرة، فحزرت بألف شمعة. وما رأيت البرية إلا مملوءة بالأضواء. وخرج أهل المحال والنساء والصبيان ينظرون وكان الزحام في البرية كالزحام بسوق الثلاثاء، فدخلت الحربية وقد امتلأ الشارع وأكريت الرواشين من وقت الضحى. ولو قيل: إن الذين خرجوا يطلبون المجلس وسعوا في الصحراء بين باب البصرة والحربية مع المجتمعين في المجلس كانوا ثلاثمائة ألف، ما أبعد القائل.
قال: وفي هذا الشهر ختن الوزير رئيس الرؤساء أولاده وعمل الدعوة العظيمة وأنفذ إلي أشياء كثيرة، وقال: هذا نصيبك لأني علمت أنك لا تحضر مكانا يغنى فيه. ثم إن الشيخ أبا الفرج بنى مدرسة بدرب دينار، ودرس بها سنة سبعين. وذكر أول يوم تدريسه بها أربعة عشر درسا من فنون العلم.
قال: وفي هذه السنة انتهى تفسيري في القرآن في المجلس على