المولد البغدادي الدار، الفقيه الزاهد أَبُو الحسين ابن الشيخ أبي عمرو المتقدم ذكره: خرج من مصر قديما، واستوطن بغداد. وقد سبق في ترجمة أبيه سبب قدومه إلى بغداد، وتفقه بها في المذهب على أبي الفتح بن المني، ولازم درسه. وسمع من أبي محمد بن الخشاب وغيره، وحصل له القبول التام من الخاص والعام، وكان ورعا زاهدا عابدا.
قرأت بخط ناصح الدين بن الحنبلي في حقه: كان مشتغلا بحفظ كتاب الوجهين والروايتين، تصنيف القاضي أبي يعلى. وكان من الزهد، والصلاح، والتطهير، والتورع في المأكول على صفة تعجز كثيرا من المجتهدين في العبادة.
وكان يمشي مطرق الرأس، يلتقط الأوراق المكتوبة، حتى اجتمع عنده من ذلك شيء كثير، فيحمله بحمال إلى الشاطىء فيتولى غسله، ويرسله مع الماء. وكان لا يستقضي أحدا حاجة إلا أعطاه أجره، ولو أشعل له سراجا.
وذاكرته في خلوة في القول بخلق أفعال العباد، فأقر به، ولم يكن على ما ذكره من مذهب والده في ذلك، فسررت بذلك.
ورأى رجل في بغداد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يقول: لولا الشيخ سعد