من هو للأنبياء ختام، وعلى آله سُرج الظلام، وعلى أصحابه الغر الكرام. والسلام على صدر الإسلام. ورَضِيّ الإمام. زَينه اللهُ بالتقوى، وختم له بالحسنى، وجمع له بين خير الآخرة والدنيا.
معلوم يا صدر الإسلام، أن آحاد الرعية من الأعيان مخيَّرون في القاصد والوافد: إن شاءوا وصَلُوا، وإن شاءوا فَصلُوا، وَأَما من توشح بولاية فليس مخيرا في القاصد والوافدة لأن من هو على الخليفة أَمير، فهو في الحقيقة أجير، قد باع زمنه وأخذ ثمنه. فلم يبق له من نهاره ما يتصرف فيه على اختياره، ولا له أن يصلي نفلا، ولا يدخل معتكفا، دون الصدد لتدبيرهم، والنظر في أمورهم، لأن ذلك فضل، وهذا فرض لازم.
وأنتَ يا صدر الإسلام، وإن كنت وزير الدولة، فأنت أجير الأمة، استأجرك جلال الدولة بالأجرة الوافرة لتنوب عنه في الدنيا والآخرة، فأما في الدنيا: ففي مصالح المسلمين. وأمَّا في الآخرة: فلتجيب عنه رب العالمين. فإنه سيقفه بين يديه، فيقول له: ملَّكتُكَ البلاد، وقلدتك أزمة العباد. فما صنعتَ في إفاضة البذل، وإقامة العدل؟ فلعله يقول: يا رب اخترتُ من دولتي