قَالَ ابْن الساعي: شهد عِنْدَ ابن الدامغاني سنة أربع وستمائة. ثم ولي الحسبة بجانبي بغداد، والنظر فِي الوقوف العامة، ووقوف جامع السلطان، ثُمَّ عزل عَنِ الحسبة، ثُمّ الوقوف سنة تسع، فانقطع فِي داره يعظ، ويفتي ويدرس، ثُمَّ أعيد إِلَى الحسبة سنة خمس عشرة، واستمر مدة ولاية المناصر. ثم أقره ابنه الظاهر.
قال: وَهُوَ من الْعُلَمَاء الأفاضل، والكبراء الأماثل، أحد أعلام العلم، ومشاهير الفضل. ظهرت عَلَيْهِ آثار العناية الإلهية، منذ كَانَ طفلًا. فعنى بِهِ والده. وأسمعه الْحَدِيث، ودربه من صغره فِي الوعظ، وبورك لَهُ فِي ذَلِكَ. وصار لَهُ قبول تام، وبانت عَلَيْهِ آثار السعادة.
وتوفى والده وعمره إذ ذاك سبع عشرة سنة، فكفلته الجهة والدة الإمام الناصر وتقدمت لَهُ بالجلوس للوعظ عَلَى عادة والده عِنْدَ تربتها، بَعْد أَن خلعت عَلَيْهِ. فتكلم بِمَا بهر بِهِ الحاضرين، وَلَمْ يزل فِي تَرقّ من حاله، وغلُوٌ من شأنه يذكر الدروس فقها ويواصل الجلوس وعظا عِنْدَ التربة المذكورة، وبباب بدر. وَكَانَ يورد من نظمه كُل أسبوع قصيدة فِي مدح الخليفة، فحظي عنده، وولاه مَا تقدم، وأذن لَهُ فِي الدخول إِلَى ولي عهده. ثُمَّ أوصى الناصر عِنْدَ موته أَن يغسله.
وَقَالَ أَيْضًا: كَانَ كامل الفضائل، معدوم الرذائل، أمر الناصر بقبول " شهادته وقلد الحسبة بجانبي بغداد، وَلَهُ ثَلاث وعشرون سنة، وكتب لَهُ الناصر عَلَى رأس توقيعه بالحسبة: حُسْن السمت، ولزوم الصمت: أكسباك يا يُوسُف، مَعَ حداثة سنك - مَا لَمْ