أمسكوا عَنِ الخوض فِي ذَلِكَ عَن علم ودراية، لا عَن جهل وعماية.

والعجب مِمَّن ينتحل مذهب السلف، ولا يرى الخوض فِي الْكَلام. ثُمَّ يقدم عَلَى تفسير مَا لَمْ يره أولا، وَيَقُول: إِذَا قلنا كَذَا أدى إِلَى كَذَا، ويقيس مَا ثبت من صفات الخالق عَلَى مَا لَمْ يثبت عنده. فهذا الَّذِي نهيتُ عَنْهُ. وكيف تنقص عهدك وقولك بقول فُلان وفلان من المتأخرين؟ فلا تشمت بنا المبتدعة فيقولون: تنسبوننا إِلَى البدع وأنتم أكثر بدعاً منا، أفلا تنظرون إِلَى قَوْل من اعتقدتم سلامة عقده، وتثبتون معرفته وفضله. كيف أقول ما لم يقل، فكيف يَجُوز أَن تتبع المتكلمين فِي آرائهم، وتخوض مَعَ الخائضين فيما خاضوا فِيهِ، ثُمَّ تنكر عَلَيْهِم. هَذَا من العجب العجيب. ولو أَن مخلوقا وصف مخلوقا مثله بصفات من غَيْر رؤية ولا خبر صادق. لكان كاذبا فِي إخباره. فكيف تصفون اللَّه سبحانه بشيء مَا وقفتم عَلَى صحته، بَل بالظنون والواقعات، وتنفون الصفات الَّتِي رضيها لنفسه، وأخبر بها رسوله بنقل الثقات الأثبات، يحتمل، ويحتمل.

ثُمَّ لك في الكتاب الني أسميته " الكشف لمشكل الصحيحين " مقالات عجيبة، تارة تحكيها عَنِ الخطابي وغيره من المتأخرين، أطلع هَؤُلاءِ عَلَى الغيب. وأنتم تَقُولُونَ: لا يَجُوز التقليد فِي هَذَا، ثُمَّ ذكره فُلان، ذكره ابْن عقيل، فنريد الدليل من الذاكر أَيْضًا، فَهُوَ مجرد دعوى، وليس الْكَلام فِي اللَّه وصفاته بالهين ليلقى إِلَى مجاري الظنون - إِلَى أَن قَالَ: إِذَا أردت: كَانَ ابْن عقيل العالم، وإذا أردت: صار لا يفهم، أوهيت مقالته لما أردت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015