أرخص لعائشة فِي اللعب بالبنات " وَذَلِكَ لا يوجب مدح لعب الرجال العقلاء باللعب، واجتماعهم عَلَيْهِ، ومن رأى ذَلِكَ، فعلى سياق قَوْله، كُل مَا رخص فِيهِ للصبيان، والجويريات الصغار: فَهُوَ ممدوح فِي حق كُل أحد، كاللعب فِي الطرقات، وَلَمْ يكن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا غيره، ينكرون عَلَى الصبيان لعبهم، ولا فعالهم الَّتِي تستقبح من عْيرهم، مثل المصافعة، والمفاقسة بالبيض الأحمر، والعَدْو فِي الطرقات، وحمل بَعْضهم بَعْضًا، وأشياء، لو فعلها المميز البالغ، لردت شهادته، وسقطت عدالته.
فَإِن قَالُوا: نحن إِنَّمَا نحتج بسماع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الجويريات، فنحن نسمعه كَمَا سمعهن.
قلنا: أخطأتم فِي النظر، وجهلتم الفرق بَيْنَ فعل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعلكم؛ فَإِن المنقول
عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السماع له، وأنتم تفعلون الاستماع؛ والسماع غَيْر الاستماع - إِلَى أَن قَالَ: وليس العجب من جاهل لا يفرق بَيْنَ الفعلين، ولكن من إمام نصب نَفْسه للفتيا، وعدَ أَنَّهُ هاد للمسلمين، ومرشدٌ لَهُمْ، وَهُوَ لا يفرق بَيْنَ هذين الأمرين، حَتَّى جعل يعجب من قولنا: " لا يجب سد الأذنين من الأصوات المحرمات "، وَقَالَ: " هَذَا يوهم إباحة الاستماع إِلَى الملاهي، وَمَا ظننت أَنَّهُ ينتهي إِلَى هذه الدرجة، بَل مَا ظننت أَن الجهال يخفى عَلَيْهِم هَذَا - فَإِذَا بِهِ قَدْ خفى عَلَى أحد المدرسين المفتين