جَمَاعَة كثيرة من أَصْحَابه، فيقدم إليهم مَا حضر.
قَالَ: وَكَانَ لا يكاد يفتر من الاشتغال: إِمَّا بالقرآن، أَوِ الْحَدِيث، أَوْ غيره من العلوم. وأقام بحران مدة، وانتفعوا بِهِ. وَكَانَ يشتغل بالجبل، إِذَا كَانَ الشيخ موفق الدين بالمدينة، فَإِذَا صعد الموفق الجبل نزل هُوَ فاشتغل بالمدينة. وَكَانَ يقعد فِي جامع دمشق من الفجر إِلَى العشاء، لا يخرج إلا لما بد منه، يقرئ النَّاس الْقُرْآن والعلم، فَإِذَا لَمْ يبقَ لَهُ من يشتغل عَلَيْهِ اشتغل بالصلاة. وَكَانَ داعية إِلَى السنة وتعلم العلم والدين، وختم عَلَيْهِ جَمَاعَة من الأَصْحَاب.
قَالَ: وَمَا أعلم أَنَّهُ أدخل نَفْسه فِي شَيْء من أمر الدنيا، ولا تعرض لَهَا، ولا نافس فِيهَا. وَقَدْ يفتح لأَصْحَابنا بَعْض الأوقات بشيء من الدنيا، فَمَا أعلم أَنَّهُ حضر عندهم يوما قط فِي شَيْء من ذَلِكَ، وَمَا علمت أَنَّهُ دَخَلَ يوما إِلَى سلطان ولا إِلَى والٍ. ولا تعرف بأحد مِنْهُم. ولا كانت لَهُ رغبة فِي ذَلِكَ.
قَالَ: وَكَانَ محافظا عَلَى الصدق والورع. سمعته يَقُول لرجل: كَيْفَ ولدك؟ فَقَالَ: يقبل يدك. فَقَالَ: لا تكذب وَكَانَ كثير الأمر بالمعروف والنهي عَنِ المنكر. لا يرى أحداً يسيء صلاته إلا قَالَ لَهُ وعلمه. ولقد بلغني أَنَّهُ خرج مرة إِلَى قوم من الفساق فكسر مَا معهم فضربوه، ونالوا منه حَتَّى غشى عَلَيْهِ. فأراد الوالي ضرب الَّذِينَ نالوا منه. فَقَالَ: إِن تابوا ولزموا الصلاة فلا تؤذهم وَهُمْ فِي حل من قِبَلي. فتابوا ورجعوا عما كَانُوا عَلَيْهِ.
قَالَ: ورأيته ربما يَكُون فِي مَسْجِد، فِإذا أخذ من لحيته شعرة أَوْ