بها والده فِي صغره من أَبِي المعالي بْن صابر، والخضر بْن طاوس، وأبي المجد البانياسي، وارتحل إِلَى بغداد، سنة ثمانين. فسمع من أَبِي الفتح بْن شاتيل، ونصر اللَّه القزاز وغيرهما.
وارتحل إِلَى أصبهان بَعْد التسعين، فسمع بها من أَبِي الفتح عَبْد الرحيم الكاغدي، ومسعود الحمال، وأبي المكارم اللبان وطبقتهم. وعاد إِلَى بغداد. وأقام بها مدة يسمع من أَبِي الفرج بْن الجوزي وطبقته، وقرأ بها مسند الإمام أَحْمَد، وتفقه عَلَى أَبِي الفتح بْن المنى فِي المرة الأولى، وقرأ فِي الثَّانِيَة عَلَى أَبِي البقاء من الفقه واللغة. وسمع بمصر من أَبِي القاسم البوصيري وغيره.
وَقَالَ ابْن النجار: سمعنا مَعَهُ، وبقراءته كثيرا، وكتب بخطه كثيرا. وحصل كثيرا من الأصول شراء، واستنسخ كثيرا من الكتب والأجزاء. وسمعت منه حَدِيثا واحدا فِي مجلس شيخنا أَبِي أَحْمَد الأمين - يَعْنِي ابْن سكينة - وَهُوَ الَّذِي سأل عَنْهُ. وَكَانَ من أئمة الْمُسْلِمِينَ، حافظا للحَدِيث متنا وإسنادا، عارفا بمعانيه وغريبه ومشكله، متقنا لأَسَامي المحدثين وكناهم، ومقدار أعمارهم، وَمَا قيل فيهم من جرح وتعديل، ومعرفة أنسابهم، واخْتِلاف أسمائهم، مَعَ ثقة وعدالة وصدق وأمانة، وحسن طريقة وديانة، وجميل سيرة، ورضى أخلاق، وتودد وكيس ومروءة ظاهرة، وتعمد لقضاء حقوق الإخوان، ومساعدة الغرباء.