السبكي 1 الشيخ الإمام الحافاظ العلامة قاضي القضاة تقي الدين بقية المجتهدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام الخزرجي الأنصاري السبكي المصري ثم الدمشقي الشافعي:
ولد سنة ثلاث وثمانين وستمائة، سمع بمصر من الحافظ شرف الدين الدمياطي وجماعة من أصحاب ابن باقا وغيرهم، وبالإسكندرية من يحيى بن الصواف وغيره، قدم دمشق عام سبع وسبعمائة2 وسمع ابن الموازيني وابن المشرف خلق، وعني بالحديث أتم عناية وكتب بخطه المليح الصحيح المتقن شيئًا كثيرًا من سائر علوم الإسلام، وهو من طبق الممالك ذكره ولم يخف على أحد، عرف الناس أمره وسارت بتصانيفه وفتاويه الركبان في أقطار البلدان وكان ممن جمع فنون العلم من الفقه والأدب والنحو واللغة والشعر والفصاحة والزهد والورع والعبادة الكثيرة والتلاوة والشجاعة والشدة في دينه ولي قضاء الشام سنة تسع وثلاثين وسبعمائة وخطب في الجامع الأموي في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة أيامًا، وتخرج به طائفة من العلماء وحمل عنه أمم ثم ضعف وترك القضاء لولده الإمام العلامة تاج الدين أبي نصر عبد الوهاب فحكم نيابة عن والده أشهرًا ثم حكم استقلالًا في جمادى الأولى سنة ست وخمسين وسبعمائة، ثم توجه شيخنا قاضي القضاة تقي الدين إلى وطنه ومات بالقاهرة يوم الاثنين ثالث جمادى الآخرة منها، ودفن هناك -رحمة الله تعالى- ومن تصانيفه كتاب "التحقيق في مسألة التعليق" وهو الرد الكبير على شيخنا تقي الدين ابن تيمية في مسألة الطلاق وكتاب "رفع الشقاق في مسألة الطلاق" وكتاب "شفاء السقام في زيادة خير الأنام" وهو الرد على ابن تيمية وقد يسمى شن الغارة و"السيف المسلول على من سب الرسول" وأكمل على شرح المهذب للنووي في خمسة مجلدات وكتاب "الإبهاج في شرح المنهاج للنووي.
ومات بدمشق هذ العام شيخنا المعمر خاتمة أصحاب ابن عبد السلام3 أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن الحفار4 عن تسعين سنة، وبالقاهرة قاضي القضاة المالكية الإمام