والتزامهم بأحكام الله، وأدائهم ما أمر الله، مع ابتلاء الله لهم، حيث كانوا يقولون: {إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (?)، وجاء في صفوة التفاسير: "وبشر الصابرين على المصائب والبلاء بجنات النعيم ثم بين تعالى تعريف الصابرين بقوله: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} أي نزل بهم كرب أو بلاء أو مكروه، قالوا: {إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} أي استرجعوا وأقروا أنهم عبيد لله يفعل بهم ما يشاء." (?)

وفي معيّة الله للصابرين قال تعالى: { ... وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} [الأنفال: 46].

قال الشوكاني رحمه الله: " أَخبَرهُم بأَنهُ مع الصَّابرين في كل أَمرٍ يَنبَغي الصَّبر فيه، ويا حبذا هذه المعية التي لا يَغلِبُ مَن رُزقها غَالبٌ، ولا يُؤتى صاحبُها مِن جهة مِنَ الجهات، وإِن كانت كثيرةً " (?).

وعن محبة الله لهم، قال تعالى: { ... وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)} [آل عمران: 146].

قال الرازي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: " والمَعنى أَن مَنْ صَبرَ على تَحَمُّلِ الشدائد في طريق اللهِ ولم يُظهرِ الجزع والعَجزَ وَالهلعَ فإِن اللهَ يُحبُّهُ، ومحبَّةُ اللهِ تعالى للعَبدِ عبارة عن إِرادة إكرامه وإعزازه وتعظيمه، والحكم له بالثَّواب وَالجنةِ، وذلك نهايةُ الْمَطلوب". (?)

وأما عظم الأجر الذي أعده الله للصابرين، قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} [الزُّمر: 10]،

قال الطبري رحمه الله: إنما يعطي الله أهل الصبر على ما لقوا في الدنيا ثوابهم بغير حساب، (?) وقال الأوزاعي: "ليس يوزن لهم ولا يكال لهم إنما يغرف لهم غرفا." (?)

قال الامام القرطبي: والصبر يورث الرضى بقضاء الله، وعلامة الرضا سكون القلب بما ورد على النفس من المكروهات والمحبوبات.

فالصبر ترك الشكوى، والصبر حده ألا تعترض على التقدير، فأما إظهار البلوى على غير وجه الشكوى فلا ينافي الصبر (?).

وفي نهاية هذا المبحث يتبين أن القرآن الكريم يهدي الى الطريق القويم، ويُعطي كل ذي حق حقه الضعيف والقوي، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة توجه ذوي الاحتياجات الخاصة لبيان فضلهم وحقوقهم وواجباتهم، وأن ما يعانيه ذوو الاحتياجات الخاصة لا ينقص من كرامتهم ولا يحط من قيمتهم، فالبلاء الحقيقي هو ما يصيب الإيمان لا ما يصيب الأبدان، فكرّم الله عز وجل الانسان سواء في ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة أو غيرهم وجعلهم في معظم المسؤوليات والجزاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015