كانَ في دِينهِ رِقَّةٌ ابتُلي على حسَبِ دِينِهِ، فما يَبرَحُ البلاءُ بالعَبدِ حَتَّى يَترُكَهُ يَمشي على الأَرضِ ما عليهِ خطيئَة). (?)
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: "أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ" أَي: أَكثر أَو أَصعبُ بلاء؟ أَي: مِحنَةً وَمُصيبةً، قال: "الأَنبياءُ" أَي: هُم أَشدُّ في الابتلاءِ، لأَنهُم يتلذذون بالبلاء كما يتلذَّذُ غيرُهُم بالنَّعماء، ولأَنهم لو لم يُبتلَوا لَتُوُهِّمَ فيهمُ الأُلوهيَّةُ، وليُهون على الأُمَّة الصَّبرُ على البليَّة. "ثُمَّ الأَمثلُ" أَيِ: الأَشبهُ بهم، "فَالأَمثَل": أَيِ الأَشرَفُ فَالأَشرفُ، والأَعلى فالأَعلى رُتبةً ومنزلةً يعني: مَنْ هو أَقربُ إِلى اللهِ بلاؤُهُ أَشدُّ ليكونَ ثوابُهُ أَكثرَ، إِذ لا يخلو واحدٌ منهُم مِنْ عظيم مِحنَةٍ، وجَسيمِ بَليَّة بالنِّسبةِ لأَهل زمنه، ويدُلُّ عليه قَولُه: "يُبتَلَى الرَّجُلُ على حَسَبِ دِينِهِ" أَي: مقداره ضعفًا وقُوَّة، ونقصا وكمالا. "فَإِنْ كَانَ دِينه صُلْبًا" أَي: شديدا، اشتَدَّ بلاؤُه أَي: كمِّيَّة وكيفيَّة، وإِن كان في دينه رقة هون عليه البلاء، ليكون ثوابهُ أَقلَّ، ولولا التخفيفُ في بلائه لَخُشِيَ عليه الكُفرُ مِنَ ابتلائهِ، "حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الْأَرْضِ": كنايةٌ عن خلاصه من الذُّنوب، فكَأَنهُ كان محبوسا، ثمَّ أُطلق وخُلِّيَ سبيله، "مَا لَهُ" أَي: عليه ذَنبٌ. (?)
من فقه الحديث:
أ. أتباع الأنبياء هم أشد الناس بلاء.
ب. المحن والبلايا مِمْحاةٍ للخطايا.
ج. بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين.
7. من يشكر النعمة ويؤدي حقها تدوم عليه.
عن ابي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ ثلاثةً في بني إِسرائيل: أَبرَص وأَقرعَ وأَعمى، بدا للهِ عزّ وَجَلَّ أَن يَبتلِيهم، فَبعَث إِلَيهِم مَلَكا، فأَتى الأَبرَص، فقال: أَيُّ شيءٍ أَحبُّ إِليك؟ قال: لَونٌ حَسَنٌ، وَجِلدٌ حَسَنٌ، قَد قَذِرَنِي النَّاس، قال: فمسحهُ فذهب عنهُ، فأُعطيَ لونا حسنا، وجلدا حسنا، فقال: أَيُّ المال أَحب إِليك؟ قال: الإِبل، - أَو قال: البقرُ، هو شكَّ في ذلك: إِنَّ الأَبرصَ، والأَقرع، قال أَحدُهُما الإِبلُ، وقال الآخر: البقر -، فأُعطي ناقةً عشراءَ، فقال: يُبارَكُ لك فيها وأَتى الأَقرع فقال: أَي شيء أَحبُّ إِليك؟ قال شعر حسن، ويذهبُ عني هذا، قد قَذِرَنِي النَّاس، قال: فمَسَحَهُ فذهبَ وأُعطي شعرا حسنا، قال: فأي المال أَحبُّ إِلَيك؟ قال: البقر، قال: فأَعطاه بقرةً حاملا، وقال: يبارَكُ لك فيها، وأَتى الأَعمى فقال: أَيُّ شيءٍ أَحبُّ إِليك؟ قال: يَرُدُّ اللهُ إِليَّ بَصرِي، فأُبصِرُ به النَّاس، قال: فَمسحهُ فَرَدَّ اللهُ إِليهِ بصرهُ، قال: فأَيُّ المال أَحبُّ إِليك؟ قال الغنمُ: فَأَعطاهُ شاةً والِدًا، فأُنتجَ هذان وولَّدَ هذا، فكان لهذا وادٍ مِنْ إِبل، ولهذا وادٍ من بقر، ولهذا وادٍ من غنم، ثُم إِنه أَتى