ب. مواساة المبتلى ومراعاة حاله لما يلحقه من إجهاد بسبب البلاء.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا، فَقَالَ: (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعلِّمُك كلماتٍ، احفَظِ اللهَ يَحفَظكَ، احفَظِ اللهَ تَجدهُ تُجاهكَ، إِذَا سَأَلتَ فَاسأَلِ اللهَ، وإِذَا استَعَنتَ فَاستَعن باللهِ، وَاعلَم أَنَّ الأُمَّةَ لو اجتَمَعَت على أَن يَنفَعوكَ بشَيءٍ لَم يَنفَعوكَ إِلَّا بشَيءٍ قَد كَتبَهُ اللهُ لكَ، وَلو اجتمَعوا على أَن يَضُرُّوكَ بشَيءٍ لَم يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيكَ، رُفعَتِ الأَقلَامُ وَجَفَّت الصُّحُف). (?)
قال ابن دقيق العيد: "احفظ الله يحفظك"، ومعناه: كن مطيعا لربك مؤتمراً بأوامره منتهياً عن نواهيه، وقوله: "احفظ الله تجده تجاهك"، أي: اعمل له بالطاعة ولا يراك في مخالفته، فإنك تجده تجاهك في الشدائد، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" أرشده إلى التوكل على مولاه، ولا يتعلق بغيره في جميع أموره، ما قل منها وما كثر، "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك" وكذلك في الضر، وهذا هو الإيمان بالقدر، والإيمان به واجب خيره وشره، وإذا تيقن المؤمن هذا فما فائدة سؤال غير الله والاستعانة به؟ . (?)
من فقه الحديث:
أ. اذا احتجت فاسأل الله وإذا أردت العون فاطلبه من الله، قبل أن تطلبه من الناس، فالأمر كله لله.
ب. الإيمان الجازم بأن الأمور مقدرة يحميك من الأمراض النفسية والعقد الإجتماعية، وبذلك تحافظ على أمانك النفسي.
عَن أَنسِ بنِ مالك - رضي الله عنه -، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتمنينَّ أَحدكمُ الموت من ضرٍّ أَصابه، فإِن كان لا بُدَّ فاعلا، فَليَقُل: اللهمَّ أَحيني ما كانت الحياةُ خَيرا لي، وتوفني إِذا كانت الوفاةُ خيرا لي". (?)
قال الصنعاني: "هذا دَليلٌ على النَّهيِ عن تمني المَوت للوقوع في بلاءٍ ومحنة أَو خشية ذلك من عدُوٍ أَو مرضٍ أَو فاقَةٍ أَو نحوِها مِن مشاق الدُّنيا؛ لما في ذلك من الجزع وعدم الصَّبرِ