وجوبه، ويكون غيرهم قد نازعهم في ذلك وأوجب ما أسقطوه. ولعل الأحاديث الثابتة والسنة النبوية من جانبه، ولا يلتفتون إلى ذلك ويقولون: نحن مقلدون لمذهب فلان، وهذا لا يخلص عند الله ولا يكون عذرًا لمن تخلف عما علمه من السنة عنده، فإن الله سبحانه إنما أمر بطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - واتباعه وحده، ولم يأمر باتباع غيره، وإنما يطاع غيره إذا أمر بما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكل أحد سوى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمأخوذ من قوله ومتروك.
وهو مشهد المراقبة وهو أن يعبد الله كأنه يراه، وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الإيمان بالله وأسمائه وصفاته، حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سمواته مستويات على عرشه، يتكلم بأمره ونهيه، ويدبر أمر الخليقة فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه، وتعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه، فيشهد ذلك كله بقلبه ويشهد أسماءه وصفاته، ويشهد قيومًا حيًا سميعًا بصيرًا عزيزًا حكيمًا آمرًا ناهيًا يحب ويبغض ويرضى ويغضب ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وهو فوق عرشه لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد ولا أقوالهم ولا بواطنهم بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ومشهد الإحسان أصل أعمال القلوب كلها، فإنه يوجب الحياء والإجلال والتعظيم والخشية والمحبة والإنابة والتوكل والخضوع لله سبحانه والذل له ويقطع الوساوس وحديث النفس ويجمع القلب والهم على الله، فحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مقام الإحسان، وبحسبه تتفاوت